في اليوم العالميّ للمرأة: 32 أسيرة فلسطينيّة يتطلعن للحرية

يصادف 8 آذار من كل عام، يوم المرأة العالمي، حيث تُسلّط الأضواء على النساء وحقوقهن ومنجزاتهن في المجتمع، وبينما تسعى النساء في مختلف الأماكن على انتزاع حقوقهن المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، تتطلع 32 أسيرة فلسطينية لانتزاع حقها الأساسي في الحرية من سجون الاحتلال، وانتزاع حقها في الرعاية الصحية، وحقها في أبسط مقومات الحياة الآدمية.

تقبع 32 أسيرة فلسطينية في سجن الدامون الذي يقع في أحراش الكرمل في حيفا، بينهم 17 أسيرة صدرت بحقهن أحكاماً متفاوتة، أعلاها الأسيرتين شروق دويات وشاتيلا أبو عياد (16 عاماً). و6 أسيرات جريحات، و11 أسيرة مريضة بأمراض مختلفة، و11 أسيرة أم، إضافة إلى معتقلة إدارية واحدة، وطفلة. وما زالت 14 معتقلة موقوفة للمحاكمة في محاكم تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة.

تتعرض النساء الفلسطينيات منذ لحظة الاعتقال لشتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، حيث يُعتقلن في ساعات الفجر من منازلهن وأمام أعين عائلاتهن وأطفالهن، أو عن الحواجز العسكرية، أو أثناء زيارة أبناءهن في السجون، ويتعرضن للتحقيق في مراكز التحقيق المختلفة حيث يواجهن التعذيب الجسدي والنفسي والعزل لفترات طويلة، وبعد انتقالهن للسجن، يواجهن سياسات الاحتلال من إهمال طبي، إلى ظروفٍ معيشية صعبة، وحتى محاكمتهن في محاكم عسكرية لا تتمتع بها المعتقلة بأي من ضمانات المحاكمة العادلة في ظل إجراءاتٍ معقّدة وغير قانونية.

ظروف الأسر في سجن الدامون

في كل عام، تنقل الأسيرات الفلسطينيات بواسطة الأسيرات المحررات والمحامين ومؤسسات الأسرى صورة الظروف الصعبة التي تمر بها الأسيرات القابعات في سجن الدامون، ومنذ سنوات تناضل الأسيرات لتحقيق أبسط حقوقهن أمام الانتهاكات التي تعانين منها، وأبرزها: وجود حمامات الاستحمام خارج الغرف، حيث لا تتمكن الأسيرات من الاستحمام إلا بالفترة المسموح بها وفي فترة الفورة المحددة بساعات معينة ومحدودة. وفي انتهاكٍ صارخ لحقهن في الخصوصية، توجد كاميرات للمراقبة في ساحة الفورة والتي تمنع الأسيرات من الحركة بأريحية وتحجب الشمس عنهن تحديداً للأسيرات المحجبات. كما أن ساحة الفورة خطرة على الأسيرات حيث أن سطحها أملس مما يعرضهن للتزحلق، قامت إدارة السجن بوضع مادة   إلا أن هذه المادة لا تدوم طويلاً أي أنه لم تعمل إدارة مصلحة السجون على حل جذري لهذه المشكلة.

تعاني الأسيرات الفلسطينيات من سياسة الإهمال الطبي التي تُمارس بحقهن، تحديداً الأسيرات الجريحات والمريضات، حيث لا يتم تقديم الرعاية الصحية المطلوبة، ويتم المماطلة في توفير العلاج، عدا عن عدم وجود طبيبة نسائية متخصصة في عيادة السجن.

فيما يتعلق بالإجراءات التي رافقت انتشار فايروس كورونا، فإن إدارة السجون تقوم بفرض فترة حجر على أي أسيرة بعد عودتها من المشفى، حيث يتم وضع الأسيرة في غرفة لوحدها، وفي حال احتاجت مساعدة نظراً لوضعها الصحي، فإنه يتم منع أي أسيرة من مرافقتها أو المكوث معها في نفس الغرفة.

قمع الأسيرات وعزل بعضهن

استكمالاً لسلسة الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال وإدارة مصلحة السجون بحق الأسيرات الفلسطينيات، تعرضت الأسيرات في نهاية العام 2021 للقمع واقتحام غرفهن على يد قوة من السجانين والوحدات الخاصة، وذلك بعد أن كانت إدارة السجن قد أبلغت الأسيرات أنه يتعين على الأسيرات المتواجدات في إحدى الغرف إخلاؤها، وقررت الأسيرات رفض هذه الخطوة، الأمر الذي أدى لقمع الأسيرات واقتحام غرفهن وتفتيشها بشكل متكرر، ومحاولة مصادرة الأجهزة الكهربائية. كما أعلمت إدارة السجن الأسيرات بقرار فرض تنقلات بين غرف الأسيرات كل ستة أشهر، وجاء هذا القرار بعد عملية نفق الحرية التي انتزع فيها 6 أسرى حريتهم عبر نفقٍ حفروه.

في ظل القمع الذي تعرضت له الأسيرات، قامت الإدارة بعزل ممثلة الأسيرات مرح باكير ونائبتها شروق دويات والأسيرة منى قعدان في عزل جلبوع وعزل مجدو، وفرضت إدارة مصلحة السجون عقوبات على الأسيرات بسبب رفضهم للإجراءات التعسفية المفروضة بحقهن، تمثلت في منع الزيارات العائلية لمدة شهر، إضافة إلى منع من الكانتينا لمدة شهر. وأضافت عقوبة أخرى على الأسيرات القابعات في الغرفة التي اقتحمتها القوات بدايةً لنقل الأسيرات منها وهي غرامة بقيمة 400 شيقل.

إجراءات ما بعد فايروس كورونا...عزل مضاعف

تعمد سلطات الاحتلال على عزل الأسيرات الفلسطينيات عن العالم الخارجي، فعلى مدار سنوات طويلة لا تتمكن الأسيرات من التواصل المنظم مع عائلاتهن إلا بواسطة الزيارات العائلية غير المنتظمة، ولا يوجد وسيلة سوى الإذاعة لتطمئن الأسيرات على عائلاتهن وأطفالهن. وعلى الرغم من المطالبات العديدة والنضالات التي خاضتها الحركة الأسيرة لتركيب هواتف عمومية داخل قسم الأسيرات، إلا أن سلطات الاحتلال ما زالت لم تنفذ هذا الحق الأساسي.

ومع انتشار فايروس كورونا، والإجراءات التي أعقبت انتشاره، منعت سلطات الاحتلال الزيارات العائلية للأسيرات لأشهر، انقطع خلالها التواصل تماماً بين الأسيرات وعائلاتهن. وحتى عندما خففت سلطات الاحتلال من إجراءاتها المتعلقة بفايروس كورونا، أوقفت الزيارات العائلية مجدداً ولأشهر بحجة تنفيذ أعمال صيانة في غرفة الزيارة. وكل ذلك أدى إلى فرض مزيد من العزلة بحق الأسيرات في ظل ظروف اعتقالية صعبة.

وفي بداية العام الحالي، بعد فترة قصيرة من القمع الذي تعرضت له الأسيرات، أصيبت 15 أسيرة بفايروس كورونا، وجرى عزلهن في غرف مع بعضهن البعض، لم توفر إدارة السجن الفيتامينات اللازمة إلا بعد طلب الأسيرات، وكانت بكمية محدودة. بعض الأسيرات المصابات بدت عليهن أعراض خفيفة، والبعض الآخر أعراض شديدة كارتفاع الحرارة والتقيؤ والهزال وفقدان حاستي الشم والذوق. وخلال فترة الحجر، سمحت الإدارة لبعض الأسيرات بإجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهن في ظل وقف الزيارات العائلية.

تطالب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان الأمم المتحدة والدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بضرورة الضغط على دولة الاحتلال للالتزام بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي، واحترام الاتفاقيات الدولية تحديداً اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وقد حان الوقت لاستخدام أدوات القانون الدولي ذات الفاعلية كفرض العقوبات وسحب الاستثمارات لحماية حقوق الأسيرات والأسرى الفلسطينيين.