في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب: تستمر دولة الاحتلال بممارسة جرائم التعذيب بشكل ممنهج ضد المعتقلين والأسرى الفلسطينيين

26/6/2017-تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب على استمرار قوات الاحتلال بممارسة كافة أشكال التعذيب الجسدي والنفسي بحق الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، وتعتمد سلطات الاحتلال تعذيب الأسرى والأسيرات وانتهاك حقوقهم بشكل ممنهج ينافي كافة المعايير والقوانين الدولية. فعلى الرغم من حظر التعذيب واستخدام العنف الجسدي وحظر المعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة ضد الأسرى والمعتقلين ضمن القوانين الدولية، وحسب اتفاقيات ومواد واضحة النص في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 والتي تعتبر إسرائيل طرفا فيها وموقعة عليها، أجازت دولة الاحتلال الإسرائيلي التعذيب وحاولت تشريعه وحتى سمحت باستخدام التعذيب الجسدي، وذلك بمصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية لسنوات عديدة.

تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال في ضوء اليوم العالمي لمناهضة التعذيب ذات أهمية خاصة، فقد استشهد منذ العام 1967 (73 معتقلاً فلسطينياً) نتيجة التعذيب على يد قوات الاحتلال أثناء التحقيق. كان آخرها حالة الشهيد عرفات جردات الذي استشهد في تاريخ 23/2/2013 نتيجة التعذيب الجسدي والنفسي الشديدين في أقبية التحقيق فقد أكدت الخبيرة في الطب الشرعي، الدكتورة سبنيم كورور فينكانسي، أن عرفات جرادات أصيب بمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد نتيجة لتعرضه للتعذيب والضرب المبرح مما أدى الى وفاته داخل السجن.  

يعاني الأسرى الفلسطينيون والأسيرات من التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة منذ اللحظات الأولى للاعتقال، حيث يقوم جنود الاحتلال باقتحام المنازل في جنح الظلام أو في ساعات الفجر الأولى لتنفيذ عمليات الاعتقال بشكل مفاجئ وعنيف، يتم فيه تعريض المعتقل وكافة أفراد عائلته للتعذيب النفسي، وفي عديد من الحالات الاعتداء الجسدي على المعتقل وأفراد عائلته، إضافة إلى تخريب ممتلكات المنزل وتدميرها. وفي حالات أخرى تتم عملية الاعتقال عبر حاجز تفتيش حيث يقوم الجنود بتوقيف المعتقل واعتقاله وتجريده مكن كل أغراضه، دون أن يسمحوا له بإبلاغ أي من أفراد عائلته أو التواصل معهم، أو خلال مرور المعتقل للسفر عبر المناطق الحدودية والمعابر، دون إعطاء أي سبب للاعتقال. ومع اختلاف أزمنة وأماكن الاعتقال، فإن سياسة الاحتلال في الاعتداء على المعتقلين أثناء عملية اعتقالهم حتى وصولهم إلى مركز التوقيف أو التحقيق هي سياسة ممنهجة تمارس على جميع أفراد الشعب الفلسطيني دون أي استثناءات؛ سواء للعمر، أو الجنس، أو الحالة الصحية أو النفسية للمعتقل. 

وغالبا ما يتعرض السجناء الفلسطينيون للتعذيب النفسي والجسدي بشكل أكبر أثناء التحقيق، الذي ممكن أن يستمر لمدة تصل إلى 75 يوما، يتعرض فيها المعتقل لأشكال متعددة من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، سواء كانت جسدية أو نفسية، مع إمكانية منع المعتقل من زيارة محاميه لمدة 60 يوما متواصل. وتشمل أشكال التعذيب وسوء المعاملة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين الشبح لساعات، والتحقيق لساعات طويلة، قد تصل لغاية 12 ساعة متواصلة، والعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة من خلال منع زيارات المحاميين ومنع التواصل مع الأهل، والاحتجاز في زنازين وغرف في ظروف غير إنسانية ولا تصلح للحياة البشرية، والإفراط في استخدام عصابات العينين والأصفاد، والحرمان من النوم والطعام والماء لفترات طويلة، والحرمان من استخدام المراحيض، والحرمان من الاستحمام أو تغيير الملابس لأيام أو أسابيع، والتعرض للبرد الشديد أو الحرارة، والتعرض للضوضاء بشكل متواصل، والإهانات والشتم والتهديد، واعتقال أفراد الأسرة أو التهديد باعتقالهم، بالإضافة إلى الضرب والصفع والركل والهز العنيف.

ومن الجدير بالذكر أن الاعترافات المنتزعة عن طريق هذه الممارسات غير المشروعة تقبل وتستخدم ضد المعتقل في محاكم الاحتلال، وتعتبر إدانة له أمام المحكمة. وتتعارض هذه السياسات بشكل مباشر مع القانون الدولي، بما في ذلك المادة 2 (1) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي وقعت عليها إسرائيل في 3 تشرين الأول / أكتوبر 1991، والتي تقتضي من أي دولة طرف أن تمنع استخدام التعذيب والممارسات المرتبطة به. وبالرغم من أن هذا الحظر مطلق وغير قابل للانتقاص ولا يسمح "بظروف استثنائية مهما كانت"؛ فإن إسرائيل تنتهك القانون في كل يوم وتتجاوز كافة المواثيق والمعاهدات الدولية وتستخدم مختلف أنواع التعذيب ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين على مرأى ومسمع من كافة الجهات الدولية دون رقيب أو حسيب.

في يوم مساندة ضحايا التعذيب، لا بد من الالتفات إلى ما يقارب 6200 أسيراً فلسطينياً، وما يتعرضون له من تعذيب ممنهج ومتعمد على يد قوات الاحتلال. لذلك تطالب مؤسسة الضمير الأمم المتحدة وكافة الدول الأعضاء بأن تساند النائب العام في محكمة الجنايات الدولية لاتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل التحقيق في جرائم التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكبها دولة الاحتلال بشكل يومي، كما تطالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن يضغط على دولة الاحتلال من أجل السماح للمقرر الخاص المعني بحالات التعذيب ولجنة مناهضة التعذيب بزيارة المعتقلات والسجون والتحقيق بالجرائم المرتكبة على يد قوات الاحتلال وإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.