مؤسسة الضمير ومؤسسة CODEPINK: في يوم المرأة العالمي الاحتلال يعتقل 55 أسيرة فلسطينية

 

مؤسسة الضمير ومؤسسة CODEPINK: في يوم المرأة العالمي الاحتلال يعتقل 55 أسيرة فلسطينية

تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومؤسسة CODEPINK  بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للمرأة على استمرار الاحتلال في انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية، حيث تحتجز قوات الاحتلال 55 امرأة فلسطينية، بما فيهن 12 طفلة، ومعتقلتان في الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، وتمارس بحقهن مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. ومن الجدير بالذكر أن 16 من الأسيرات هن أمهات ل 58 ابنا وبنتا.  وتقبع حاليا 42 أسيرة في سجن هشارون، و13 أسيرة في سجن الدامون، وتقع هذه السجون داخل الأراضي المحتلة التابعة لسلطة الاحتلال، بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة.

اعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات

اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 10,000 امرأة فلسطينية منذ العام 1967. وخلال عام 2017، تستمر قوات الاحتلال باعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات، سواء من الشارع أو أثناء عبورهنّ الحواجز أو بعد اقتحام منازلهنّ ليلاً، مع اصطحاب كلاب بوليسية لترهيب العائلة وتدمير محتويات المنزل. وعند الاعتقال يقوم جيش الاحتلال بتعصيب عيونهن وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ووضعهن داخل الجيبات العسكرية، ويتعرضن أثناء ذلك للتعذيب وسوء المعاملة.

اعتقلت الأسيرة الطفلة مرح بكير 16 عاما من مدينة القدس بتاريخ 12/10/2015، بعد أن أصابها جندي الاحتلال برصاص حي (10 رصاصات)، اخترقت يدها اليسرى من الأعلى إلى الأسفل، رغم أنها لم تكن تحمل أي شيء بيدها، وعندما طلب منها الجندي رفع يديها فعلت ذلك، فقام بدفعها وإسقاطها على الأرض، وبعد أن وصلت شرطة الاحتلال إلى الموقع، قام شرطي بدفعها وهي جالسة على الأرض، مما أدى إلى ارتطام رأسها بالأرض، وبدأ بعد ذلك بتفتيشها جسديا بيده، ورفع غطاء رأسها، وشق ملابسها حتى وصل إلى الداخلية منها.

بقيت مرح على هذه الصورة حتى نقلت بسيارة إسعاف دون مراعاة أي من الأسس الطبية إلى مستشفى هداسا عين كارم، وخلال هذه الفترة بدأ المحقق باستجوابها دون مراعاة جسدها النازف وسألها إن طعنت جندي وأنكرت، ثم أدخلوها إلى غرفة العمليات دون أن يشرحوا لها أي شيء عن وضعها الصحي، نقلت بعد العملية إلى غرفة، حيث أبقوها لوحدها، مقيدة بالسرير باليد والرجل المعاكسة، وحولها سجانين ذكور طوال الفترة، وكانوا يشتمونها ويشتمون والدتها، وفي إحدى المرات قال لها أحدهم "موتي"، وآخر أخذ صورة "سلفي" معها.

أكدت مرح أنها لم تنو القيام بأي اعتداء، الأمر الذي يؤكده فيديو تم تسجيله أثناء الحادثة. على الرغم من ذلك، حكمت محكمة الاحتلال في كانون الثاني 2017 على مرح بالسجن الفعلي لمدة ثمان سنوات ونصف. 

التحقيق وسوء المعاملة

تواصل قوات الاحتلال انتهاك حقوق الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، بما يخالف اتفاقية مناهضة التعذيب التي حظرت المعاملة غير الإنسانية والحاطة بالكرامة. وقد وثقت مؤسسة الضمير عددا من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال وطواقمها الطبية ومحققيها بحق الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات في السجون ومراكز التحقيق والتوقيف، فقد أبلغت الأسيرات محامي مؤسسة الضمير أنهن يحرمن من حقوقهن الأساسية بما فيها: الخدمات الصحية، الطعام، الماء. كما يتعرضن للتفتيش العاري كإجراء عقابي، ويحتجزن في ظروف غير صحية، إضافة إلى تعرضهنّ للاعتداء الجسدي والنفسي. وتتسبب ظروف الاحتجاز والمعاملة غير الإنسانية التي تتعرض لها الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات بأضرار صحية ونفسية وعقلية طويلة المدى.

تحرم الأسيرات الفلسطينيات لدى وصولهنّ لمراكز التحقيق أو مراكز الاعتقال، من حقهن في معرفة أسباب اعتقالهن، ومن تفسير حقوقهن أثناء الاعتقال. وغالباً ما يحرمن من حقهن في لقاء محامي، ويحتجزن لعدة أيام أو أشهر في التحقيق، حيث يتعرضن للتعذيب وسوء المعاملة. إن أساليب التعذيب وسوء المعاملة التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات تسبب لهن معاناة جسدية ونفسية شديدة. وتشمل أساليب التحقيق العزل لفترات طويلة عن العالم الخارجي، وظروف اعتقال لا إنسانية، وتعصيب العينين وتكبيل اليدين، وحرمان من النوم والطعام والماء، وحرمان من استخدام الحمام لوقت طويل، بالإضافة إلى حرمانهن من تغيير ملابسهن لأيام أو أسابيع، وشبحهنّ واستخدام أسلوب الصراخ والشتم والتحرش الجنسي.

تحدثت عن س.أ. تجربتها بالتحقيق في مركز تحقيق المسكوبية خلال زيارة محامية مؤسسة الضمير منى ندّاف لها في سجن الدامون بتاريخ 7/6/2016، قالت أنها اعتقلت من منزلها في قرية أبو ديس بعد اقتحامه بتاريخ 19/4/2016 في الساعة 3:30 فجرا، وتعرضت خلال التحقيق للشبح والصراخ والشتائم وجلسات تحقيق طويلة، وتهديد بالقتل، واعتقال أفراد أسرتها، وحرمان من النوم، كما منعت من لقاء محامي لمدة 18 يوما. تقول الأسيرة عن تجربتها:

"عند انتهاء التحقيق في هذا اليوم، قال لي المحقق "رينو" أنه سيبقى معي طول الليل، ثم قام بتقيد اليدين وراء ظهر الكرسي بقيود مربوطة مع الكرسي وأنا جالسة، واستمر هذا من الساعة 22:00 وحتى الساعة 4:30 فجرا، وبعد ذلك أعادوني للزنزانة لمدة 3 ساعات تقريبا، ثم عدت للتحقيق.

أثناء فترة الشبح الليلي، عندما كنت أغمض عيني وأنا على كرسي الشبح، كان المحقق يقوم بضرب الطاولة أو الصراخ. كان التحقيق مستمر مع المحقق رينو طوال الليل. في الصباح يعيدونني ساعتين ل ثلاثة ساعات للزنزانة ثم للتحقيق مرة أخرى يستمر حتى الليل. بعد ذلك أقضي ليلة في الزنزانة، ثم تعاد الكرة مرة أخرى في الليل والنهار (نهار بالتحقيق والليل شبح) مع تحقيق في الليل في الزنزانة."

النقل والمعاملة الحاطة بالكرامة

تتعرض الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات في سجون الاحتلال لعمليات نقل مرهقة ومهينة، بين أماكن اعتقالهن ومراكز التحقيق ومراكز الاعتقال والمحاكم، حيث يتم إجبارهن على الجلوس على مقاعد غير مريحة بعد انتظارهن في أمكنة تشبه الأقفاص "مراكز انتظار" لفترات طويلة قبل الوصول للمحكمة أو لمركز التحقيق، وغالبا ما تستغرق مدة الانتظار ساعات طويلة، تحرم الأسيرات خلالها من استخدام دورات المياه.

وصفت ن.ش. تجربتها لمحامية الضمير منى نداف بتاريخ 28/7/2016 قائلة:

في يوم 28/4/2016 تم اعتقالي بعد إصابتي برصاصة في كتفي الأيمن نقلت مباشرة إلى المستشفى. .بعد خروجي من المستشفى بثلاث أيام نقلت إلى محكمة عوفر مع النحشون. كانت يدي ما زالت تؤلمني بشكل كبير وهي ملفوفة ومكان العملية كان مؤلم جدا، بداية طلبت مني موظفة النحشون ونحن في السجن أن اخلع ثيابي لتفتيشي تفتيش عاري، وكان من الصعب أن أخلع لوحدي بسبب إصابتي التي لم أصح منها بعد، فأجبرتني أن أخلع ثيابي وأن أخلع حذائي وكانت هذه الخطوات مؤلمة جدا بالذات أن لا أحد يساعدني وأنا ما زلت أشعر بالألم، حتى أن صديقتي المعتقلة حاولت مساعدتي ولكن مجندة النحشون منعتها. مع انتهاء التفتيش نقلت إلى مرحلة التقييد. قيدت القدمين وعندما أرادوا تقييد اليدين قلت لها أنه لا يمكن ذلك لأني ما زلت مصابة وأشعر بألم شديد لكنها لم تسمع مني وشدت القيد على يدي المصابة. خرجنا من سجن الشارون الساعة 2 ونصف الصبح في سيارة النحشون والجو فيها حار جدا. وصلنا الرملة المعبر وجه الصبح. في معبر الرملة ننتظر لوقت طويل داخل السيارة والأكيد أنهم عندما يوقفوا السيارة إذا كان المكيف يعمل يطفي عند وقوف السيارة. ننتظر هناك ما بين ساعتين لثلاث ساعات، نقلنا بعدها إلى بوسطة ثانية: زنزانة المقعد في داخلها حدي،د مداه قصير جدا غير مريح، وكل زنزانة تتسع لشخصين، الركبة عند الجلوس ترتطم بالحائط الخاص بالزنزانة. خلال السفر السائق كان يسير بسرعة وكنت أرتطم بحائط الزنزانة وكان الجرح يزيد الألم ولم أستطع فعل شيء سوى الانتظار حتى نصل. خلال الوقفة على معبار الرملة لا يفكون القيود ولا نأكل كل الطريق وفي زنزانة البوسطة يكون معنا فقط ماء."

 

النساء الفلسطينيات تحت الاحتلال

إن دولة الاحتلال هي المسؤولة عن كافة الانتهاكات والممارسات التي تنتهجها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك سوء معاملة النساء الفلسطينيات أثناء اعتقالهن بشكل خاص. وتنص المادة (12) من التوصية العامة (28) للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطـراف على ما يلي:

"إن الدول تمارس ولاية إقليمية في المقام الأول، رغم أن ذلك رهن بالقانون الدولي. إلا أن التزامات الدول الأطراف تنطبق من دون تمييز على المواطنين وغير المـواطنين سـواء بسواء، بما يشمل اللاجئين وملتمسي اللجوء والعمال المهاجرين وعديمي الجنسية الموجـودين على أراضيها، أو الخاضعين لرقابتها الفعلية، حتى وإن لم يكونوا داخـل أراضـيها. فالـدول الأطراف مسؤولة عن كل ما تتخذه من إجراءات تؤثر على حقوق الإنسان، بصرف النظر عما إذا كان المتضررون على أراضيها أم خارجها."

وفي التوصية العامة رقم (30) بشأن وضع المرأة في سياق منع النزاعات وفي حالات النزاع وما بعد انتهاء النزاع، تؤكد اللجنة على ما ذكر سابقا من خلال النص:

" تكرر اللجنة توصيتها العامة رقم 28، ومفادها أن التزامات الدول الأطراف تُطبق أيضاً خارج حدودها الإقليمية على الأشخاص الخاضعين لسيطرتها الفعلية، حتى وإن لم يكونوا موجودين داخل أراضيها، وأن الدول الأطراف مسؤولة عن كل ما تتخذه من إجراءات تؤثر على حقوق الإنسان، بغض النظر عما إذا كان الأشخاص المتضررون موجودين داخل حدودها الإقليمية أم خارجها."

تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان وبناءً على الشهادات والتصاريح التي حصلت عليها من الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات، أن الاحتلال مستمر منذ 50 عاما في انتهاك حقوق الأسيرات الفلسطينيات في مراكز التوقيف والتحقيق والسجون، وفي المستشفيات والعيادات الطبية والحواجز ونقاط التفتيش، وتطال تلك الانتهاكات كافة فئات الإناث الفلسطينيات من معلمات وطالبات وأمهات وطفلات وغيرها. وتؤكد الدول الأطراف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على انه "لا بدّ من استئصال آفة الفصل العنصري وجميع أشكال العنصرية، والتمييز العنصري والاستعمار، والاستعمار الجديد والعدوان والاحتلال الأجنبي والسيطرة الأجنبية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا أريد للرجال والنساء أن يتمتعوا بحقوقهم تمتعا كاملا."

 

التوصيات

·        بعد مرور 50 عاما على الاحتلال، ان الأوان للمجتمع الدولي ان يفرض عقوبات على دولة الاحتلال وان يعرضها للمساءلة بشكل جدي وفوري من اجل انهاء الاحتلال.

·        أن تقوم الأمم المتحدة وجميع الدول الأعضاء بالضغط على دولة الاحتلال لاحترام والالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتطبيق اتفاقية مناهضه التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والحاطة بالكرامة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

·        أن تطالب الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بإنهاء الاعتداء الجسدي والنفسي الذي يمارسه جنود الاحتلال خلال اعتقال النساء الفلسطينيات، واعتقالهن غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء ممارسات التعذيب الجسدي والنفسي والمعاملة الحاطة بالكرامة بحق الفلسطينيات خلال التحقيق.

·        أن تطالب الدول الأطراف في القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة دولة الاحتلال بوضع سياسة تراعي الفوارق بين الجنسين لعلاج الأسيرات الفلسطينيات.

·        أن تدعو الدول الأطراف والمؤسسات النسوية ومؤسسات حقوق الإنسان للإفراج الفوري عن جميع الأسيرات من سجون الاحتلال ووقف سوء المعاملة الذي يتعرضن له بشكل مستمر.