في اليوم العالميّ لحقوق الانسان... الاحتلال ينتهك حقوق الأسرى والأسيرات الفلسطينيين

أعلنت الجمعيّة العامّة للأمم المتحّدة عام ١٩٥٠ يوم العاشر من كانون الأول يوماً للاحتفاء بحقوق الإنسان، ففي الوقت الذي تحتفل فيه البشرية بالجهود المبذولة في سبيل تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة، لا تزال دولة الاحتلال تنتهك الحقوق الأساسيّة للشعب الفلسطينيّ، أهمّها حقّهم في تقرير المصير، والحقّ في العيش بحرّية وأمانٍ، وكرامة، كما أنّها تستمّر في انتهاك حقوق الأسرى والأسيرات في سجونها، ضاربةً بعرض الحائط كلّ القوانين والمواثيق الدوليّة والأعراف الأساسيّة.

فيما يلي بعض الحقوق التي نصّ عليها الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والانتهاكات التي تقوم بها دولة الاحتلال:

 

 مادة رقم ٣: 

"لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه"

 

في الرابع من كانون الأول لعام ٢٠٢٠، أي قبل أقل من أسبوع، أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحيّ على الطفل علي أبو عليا- ١٥ عاماً-، فأردته شهيداً خلال مظاهرةٍ في قريّة المغيّر بالقرب من مدينة رام الله، علماً أن الطفل كان يراقب المظاهرة، بحسب التقارير. وبذلك سلب الاحتلال الاسرائيليّ حقّ الطفل في الحياة، كما يسلب الفلسطينيين حقّهم في الحياة، ويستّمر الاحتلال في ارتكاب جرائمه لقمع الفلسطينيين، مؤكداً على عنصريته كنظامٍ يهّدد حقوق الشعب الفلسطينيّ الكاملة في الحياة والحريّة والأمن الشخصيّ المحميّ بموجب المادة ٣ من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان. 

 

مادة رقم ٩:

"لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً"

لا تزال قوات الاحتلال تعتقل ٤٥٠٠ أسيراً وأسيرة، يعانون من نفس الظروف القاسية ويشتركون في النضال لانتزاع حقوقهم في الحريّة والعيش بكرامة. وتسعى المحاكم العسكريّة الى إضفاء الشرعيّة على القمع وتبريره بلغة قانونيّة، وتتدّخل بالجوانب المختلفة من حياة الشعب الفلسطينيّ، إضافةً الى كون الأوامر العسكريّة تسلب الفلسطينيين من حقوقهم الأساسيّة في التعبير السياسيّ والثقافيّ، وتكوين الجمعيّات والمؤسسات، والحركات والتظاهرات السلميّة، ويصل الأمر الى الاعتقال على مخالفات المرور التي يعتبر الاحتلال أنّها تمثّل خطراً عليه وعلى سياساته. 

يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال مع نهاية شهر تشرين الأول ٤٥٠٠، منهم ٤٠ أسيرة، بينما يبلغ عدد الأطفال المعتقلين حوالي ١٧٠ طفل، كذلك مع نهاية تشرين الأول تم إصدار ٦٨ أمر اعتقال إداري، منهم ٣٨ أمراً جديداً و٣٠ أمر تمديد، وتظهر الاحصائيات أن لا أحد مستثنى من الاعتقال التعسفيّ. 

وتعتبر سياسة الاعتقال الإداريّ التعسفيّ- انتهاكاً صارخاً للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، الذي يحظر الاعتقال التعسفيّ أو الاحتجاز أو النفيّ لأي فرد بموجب المادة ٩، إذ تستمّر سلطات الاحتلال في اعتقال الأفراد إدارياً بذريعة "ملف سريّ" لا يمكن الإفصاح عنه، منتهكين حقّ المعتقل في معرفة التهم الموجّة ضدّه، ومنتهكين بذلك الضمانات الأساسيّة للمحاكمة العادلة. ومن جانب أخر، فإن الاعتقال الإداريّ ينتهك حقّ المعتقل في إعداد وتقديم الدفاع بموجب المادة ١٠ من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، إذ لا يستطيع المعتقل ولا محاميه الاطلاع على التهم الموّجهة ضدّه أو أدلّة النيابة.

 

مادة رقم ٥:

 " لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة"

 

يمكن اعتبار القضاء الاسرائيليّ أداة الدولة التي تستخدمها لتوفير غطاءٍ قانونيّ لكلّ الممارسات التي تقوم بها سلطات الاحتلال وأجهزة المخابرات من تعذيب، وسوء معاملة بحقّ الشعب الفلسطينيّ. وبالرغم من الإعلان العالميّ لحقوق الانسان الذي كُفِل في المادة ٥ الحقّ في عدم التعرضّ لأيّ معاملة قاسية وتعذيب، إذ حظرت المادة ٢/٢ من اتفاقية مناهضة التعذيب استخدام التعذيب بصرف النظر عن الظرف الذي يتم فيه ذلك، ووقّعت عليها دولة الاحتلال في الثالث من تشرين الأول ١٩٩١، إلّا أن ممارسات الاحتلال على أرض الواقع تعكسّ حقيقة تتعارض مع هذه المادة. 

في الوقع، تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات واضحة لهذا الحقّ، منذ لحظات الاعتقال الأولى للفلسطينيين، وأثناء التحقيق معهم، وحتى الإفراج عنهم. تهدف قوات الاحتلال بشكلٍ منهجيّ الى وضع المعتقلين تحت ضغطٍ جسديّ ونفسيّ هائل، وذلك لانتزاع الاعترافات منهم. هذه الممارسات تتلخّص في الضرب المُبرح والاعتداء الجسديّ، والحرمان من النوم لساعات طويلة ممّا يؤدي في كثير من الأحيان الى انهيار المعتقلين، كما أنّها تجبرهم على ممارسة وضعيات تعذيب لفترات طويلة منها الشبح بوضيعة الموزة والشبح على الطولة وغيرها، وتستدعي أفراد العائلة وتستجوبهم بوحشيّة وتهددهم بالاعتقال في إطار الضغط على المعتقل.

وتتذرع سلطات الاحتلال بالبند ٣٤/١ من قانون العقوبات الإسرائيليّ لعام ١٩٧٧، الذي يعطي الضوء الأخضر للأجهزة الأمنيّة لممارسة ما وصفته بـ"الضغط الجسديّ المعتدل" في حالات "الدفاع عند الضرورة"، ويتحمل "دفاع الضرورة" ثغرة خطيرة تقضي باستجواب المشتبه بهم بتهمة حيازتهم معلومات عن "عمليات عسكريّة"، الأمر الذي شرعن استمرار ممارسة محققي "الشاباك" للتعذيب والمعاملة القاسية مع تحصينهم من المساءلة. ففي السادس والعشرين من تشرين الثاني ٢٠١٨، صدر قرار المحكمة العليا الاسرائيليّة برّد التماس فراس طبيش بشأن التعذيب، مقوضةً بذلك مبدأ الحظر المطلق للتعذيب. ولا تقتصر خطورة هذا القرار على شرعنة التعذيب فحسب بل قام بتوسيع مفهوم "دفاع الضرورة".

وتجدر الإشارة الى أن عدداً من المعتقلين الذين تعرضّوا لمثل هذا النوع من التحقيق والاستجواب، قُدمت ضدّهم لوائح تهم فيما بعد حول نشاطهم الطلابيّ في الجامعة، والتي يمكن القول بأنهّا تهم بسيطة مقارنةً بهذه الوحشيّة في التعذيب والتحقيق، مثل الطالبين أمير حزبون وميس أبو غوش.

 

    مادة رقم ١٠:

"لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه"

 

يُظهر واقع المحاكم العسكريّة الإسرائيليّة عدم نزاهتها وتكاملها بشكل كبير مع المخابرات وسلطات الاحتلال، حتى أنّه يمكن القول بأنها إحدى أذرع الاحتلال في شرعنة سياساته العنصرية بحق الفلسطينيين، سواء أكان من خلال الموافقة على طلبات النيابة بتمديد الموقوفين للتحقيق على الرغم من وجود آثار بارزة للتعذيب على أجسادهم، أم من خلال الموافقة على أوامر الاعتقال الإداري دون وجود سبب حقيقيّْ للاعتقال، أم من خلال الأحكام العالية جداً بحق الفلسطينيين. ولا يمكن التغاضي عن دور المحاكم العسكرية في إدانة المعتقلين الفلسطينيين بناءً على اعترافات انُتزعت منهم بالإكراه تحت التعذيب، بدلاً من استبعادها. 

تعتبر العديد من منظمات حقوق الانسان محاكمة المدنيين في محاكم العسكريّة انتهاك للحقّ في محاكمة عادلة، إذ أن واقع المحاكم العسكريّة يتلخص في كون قُضاتها ضباط عسكريّون، لا يمتلكون خبرة قانونيّة ودون أيّ اعتبار لضمانات المحاكمة العادلة. وتستهدف محاكمة المدنيين الفلسطينيين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال، واتهموا بارتكاب "مخالفات أمنيّة"، وجرائم أخرى محدّدة بالأوامر العسكريّة الاسرائيليّة. 

ومن الجدير بالذكر أن معدّل الإدانة السنويّ للفلسطينيين في هذا النوع من المحاكم دائماً ما يزيد عن ٩٩٪.

في اليوم العالميّ لحقوق الإنسان، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان تسلّط الضوء على الانتهاكات الجسمية التي تقوم بها دولة الاحتلال بحقّ الشعب الفلسطينيّ وحقوقه الأساسيّة المكفولة بموجب الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وتؤكد الضمير على التزامها الكامل بالدفاع عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين ودعم المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في سعيهم للحرية. وتطالب الضمير بضرورة إعادة إحياء قيم ومبادئ الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان كأداةٍ لتطبيق معايير حقوق الانسان في مواجهة نظام الفصل العنصريّ الإسرائيلي وممارسات الظلم الممنهج بحقّ الشعب الفلسطينيّ.