تراجع حاد في ظروف السجن: التضييق على الأسرى

تراجع حاد في ظروف السجن: التضييق على الأسرى

تتخذ سلطات الاحتلال سياسات تعسفية عند اعتقال الفلسطينيين، وتنتهج إجراءات عقابية بحق المعتقلين، وادعائهم المتواصل بأنها "إجراءات منتظمة"، وتعتبر هذه الانتهاكات مخالفة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتقوم سلطات الاحتلال بشكل متكرر بممارسة سياسة العقاب الجماعي بحق المعتقلين في المعتقلات على أفعال لم يقوموا بها، وتحظر المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة (50) من أنظمة لاهاي معاقبة أي فرد على جريمة لم يرتكبها، ويمثل انتهاك هذه المادة جريمة حرب.

تتناول هذه الورقة مسألة استمرار تحديد وتقليص الخدمات المتوفرة للأسرى في سجون الاحتلال ومراكز الاحتجاز، وتلقي هذه الورقة الضوء أيضاً على لجنة جديدة شكلتها سلطات الاحتلال للتغيير من ظروف الاعتقال وتقليص الخدمات المتاحة للأسرى، وبالنسبة لسلطات الاحتلال، يشار إلى هذا القيد ا "بالحرمان من الامتيازات" على الرغم من كون هذه الخدمات هي حقوق أساسية للأسرى كفلتها المواثيق والأعراف الدولية.

ظروف احتجاز المعتقلين

المعتقلون في سجون الاحتلال يتوزعون على 17 سجناً وأربعة مراكز تحقيق وأربعة مراكز احتجاز، تقع كافة السجون داخل الأراضي المحتلة، باستثناء سجن واحد، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً صريحاً للمادة(76) من اتفاقية جنيف الرابعة. يعاني الأسرى في سجون الاحتلال من ظروف قاسية، فهناك اكتظاظ في الأقسام والغرف ونقص في وسائل الراحة الأساسية، بالإضافة إلى النقص الكبير في الهواء النقي وارتفاع نسبة الرطوبة. وفي السنوات الأخيرة، انخفض متوسط المساحة لكل معتقل من 3.4 إلى 2.9 متر مربع، كما غالباً ما يتم تغطية نوافذ زنازين السجن بألواح حديدية، مما يقلل من دخول ضوء الشمس الطبيعي، ويعيش الأسرى المعتقلين في سجن النقب في خيام لا توفر الحد الأدنى من الحماية من الظروف الطبيعية، ولا توفر مأوى مناسب يقي من الطقس المتطرف في الشتاء أو الصيف.

  هناك قضيتان أساسيتان تستوجبان اهتماماً خاصاً فيما يتعلق بالمعتقلين الفلسطينيين وضمن السياسات التي تنتهجها مصلحة السجون الإسرائيلية: أولا، استخدام العزل لأغراض عقابية، ثانياً، الإهمال الطبي. في كل عام، يحتجز العشرات من المعتقلين الفلسطينيين في العزل، لأسباب تتعلق ب "أمن" الدولة أو السجن، قد تمتد المدة الزمنية التي يمكن فيها عزل الأسرى من 12 ساعة حتى 12 شهراً، بموافقة المحكمة. ويتم احتجاز المعتقلين المعزولين في زنازين تتراوح مساحتها ما بين 1.5 2 متر و3 X 3.5 متر.

 تعمل السلطات الإسرائيلية بشكل ممنهج ومتعمد على استمرار سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى، حيث تتنصل من واجباتها في تقديم الدعم والعلاج الطبي للمعتقلين بحسب ما تنص عليه اتفاقيات جنيف.  هناك العديد من الأسرى المرضى والمصابين في سجون الاحتلال وتتراوح خطورة هذه الإصابات ما بين الالتهابات الصدرية والغثيان والقيئ والإسهال إلى أمراض القلب والفشل الكلوي. على الرغم من أن جميع السجون تحتوي على عيادة طبية، إلا أن وجود الأطباء غير منتظم والرعاية الطبية المتخصصة غير متوفرة بشكل عام، وفي حال تم فحص وتشخيص المعتقلين، ففي معظم الحالات يتم إعطائهم المسكنات دون أي مراجعة طبية شاملة، وفي حال احتاجت حالة للنقل للمشفى لتلقي العلاج اللازم، فلا يتم تحويلها إلى المستشفيات إلا بعد أسابيع أو أشهر.

عدا عن هذه السياسات الأساسية التي تنتهجها سلطات الاحتلال، فإنها تحاول بشكل عام تقييد العديد من الخدمات الأساسية الأخرى للمعتقلين الفلسطينيين، مثل الزيارات العائلية والتعليم، وقد حدث هذا على نطاق واسع خلال الأعوام التالية "2008،2011،2014،2017" حتى نهاية عام 2018.

بعض الحالات السابقة حول تدهور الأوضاع خلال الاعتقال

تدهورت ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين تدريجياً على مر السنين رغم الإجراءات الجماعية التي تتصدى لمثل هذه الخطوات، وحدثت تغييرات كبيرة فيما يتعلق بأوضاع الاعتقال في عام 2011 في أعقاب خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 حزيران / يونيو 2011، وفي هذا الخطاب، أعلن عن سياسة تهدف إلى معاقبة المعتقلين الفلسطينيين جماعياً بسبب استمرار احتجاز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وحتى قبل هذا الخطاب، كانت مصلحة السجون الإسرائيلية تعاقب بالفعل المعتقلين الفلسطينيين بأشكال مختلفة وللسبب نفسه.

منذ ذلك الوقت قامت مصلحة السجون الإسرائيلية ب:

  • • إلغاء إمكانية الحصول على التعليم العالي للمعتقلين، ومنع إدخال الصحف وبعض الكتب من خارج السجن.
  • • تحديد عدد القنوات التلفزيونية المتاحة للمعتقلين إلى ثلاث قنوات باللغة العربية.
  • • تقييد أيدي وأرجل المعتقلين أثناء   التنقل من وإلى جميع الزيارات.
  • • في بعض السجون، تم تقليص مدة الزيارات العائلية من 45 إلى 30 دقيقة، ومنع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات من الاتصال الفعلي (الجسدي) مع الوالدين المعتقلين كما كان في السابق.

بعض هذه القيود توقفت بعد وقت معين، ولكن ما زال هنالك قيود أخرى مستمرة حتى الآن، وهي:

  • منع التعليم.
  • تقليص عدد قنوات التلفاز لأسرى حماس.
  •  الحد من المبالغ المالية المسموح إنفاقها في الكنتينا لأسرى حماس (من 1200 شيكل إلى 600ـ800 شيكل شهرياً).

إن زيادة التشديد والتضييق على الأسرى الفلسطينيين تكرر في مراتٍ عدة، وتشمل هذه الحالات عام 2014 بعد اختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية ومن ثم في حرب غزة الأخيرة. في عام 2014 شهد عدد الأسرى الفلسطينيين زيادة كبيرة بقدر 1000 أسير مقارنة بالمعدل الطبيعي، وهذا لا يعني الاكتظاظ داخل السجون فحسب، بل أيضاً التدهور الكبير في الخدمات الطبية والتعليمية. خلال هذه الفترة تم أيضاً تقييد العديد من الحقوق والامتيازات الأخرى، مثل الزيارات العائلية والقنوات التلفزيونية... الخ

ومثال آخر حدث عام 2017، عندما قرر الأسرى خوض إضرابا مفتوحاً عن الطعام كوسيلة للمطالبة بحقوقهم الأساسية وتحسين ظروف الاعتقال. عاقبت مصلحة السجون الأسرى في حينها بشكل جماعي؛ من خلال فرض الغرامات المالية، والعزل، والحرمان من الزيارات العائلية، والمنع من مقابلة المحامين.

التدهور الأخير في ظروف الاعتقال: التضييق على الأسرى

في 13/6/2018، أعلن وزير الأمن العام الإسرائيلي، جلعاد إردان، عن تشكيل لجنة خاصة تضم أعضاء من الكنيست الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات، والغرض من هذه اللجنة هو تقييم ظروف احتجاز الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتحديد السبل التي يمكن من خلالها تقليص الظروف الى الحد الأدنى الممكن، كما ذكر إردان. كان الهدف من اللجنة تقديم توصياتها في غضون 90 يوماً من تاريخ تأسيسها.

لم يتم نشر التوصيات حتى الآن للعلن، ولكن تم اتخاذ إجراءات ضد الأسرى في الأسابيع الأخيرة، وقد ركزت هذه الإجراءات على ثلاثة مجالات رئيسة: الاقتصادية (توفير الغذاء، الكنتينا)، التعليم (مصادرة الكتب التعليمية) والخصوصية، خاصة بعد أن تم تركيب كاميرات في السجن الذي يضم الأسيرات الفلسطينيات "هشارون". وبالإضافة إلى ما سبق، قامت مؤسسة الضمير مؤخراً بتوثيق نقص في المياه الساخنة في العديد من السجون. إن هذه العقوبات مستمرة ومن المرجح أن تستهدف حقوقاً أخرى، مثل الزيارات العائلية.

الاقتصاد

إن الاستغلال الاقتصادي للأسرى الفلسطينيين يمكن أن يتم رصده من خلال شراء المواد الغذائية ومنتجات التنظيف من الكنتينا، في البداية كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مسؤولة عن تزويد الأسرى بالسلع الأساسية مثل "البسكويت والقهوة والشاي والسجائر". على الرغم من عدم وجود وثائق رسمية، ووفقاً لشهادات الأسرى، فإن إدارة السجون أنشأت الكنتينا حوالي عام 1973 والذي بدأ الأسرى من خلاله بشراء هذه المنتجات على نفقتهم الخاصة. توقفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن توفير هذه المواد والمنتجات للأسرى.

في عام 1993، وكجزء من موجة كبرى من الخصخصة، قررت حكومة الاحتلال خصخصة عدد من الخدمات في السجون، في ذلك الوقت منحت الحكومة شركة "شيكيم "عقداً مدته 10 سنوات لإدارة الكنتينا، وفي الوقت الحالي فإن المورد هو شركة إسرائيلية خاصة تدعى "دادش هداروم" للتوزيع.

بناءً على الطلب، قدمت ثلاثة سجون (النقب، الدامون، عوفر) قوائم أسعار الكنتينا لمحامي مؤسسة الضمير. وعلى الرغم من أن مورد الكنتينا شركة "دادش" ملزمة بتوحيد الأسعار في جميع السجون، إلا أننا وجدنا أن هناك تباينات في تكلفة نفس السلعة في السجون المختلفة. علاوة على ذلك، فإن الفرق في أسعار السلع ذاتها بين المدن الفلسطينية وسجون الاحتلال كبير.

بالإضافة للكنتينا، فإنه مطلوب من مصلحة السجون تقديم وجبات الطعام للأسرى، وكما هو موثق من قبل مؤسسة الضمير، فإنه يأتي بالغالب باتفاق بين الأسرى ومصلحة السجون في كل سجن، لذلك يختلف تقديم الطعام من سجن إلى آخر، وفي أغلب الحالات يضطر الأسرى لشراء طعامهم بسبب سوء نوعية وكمية الوجبات المتوفرة.

على الرغم من هذه الحقائق، ومع التصعيد الأخير ضد الأسرى، هناك تحديد لنوعية الطعام المقدم، فعلى سبيل المثال، في كل من سجن هداريم وهشارون، لا يتم تقديم الطعام المجمد بعد الآن سواء من مصلحة السجون أو في الكنتينا، وعلاوة على ذلك، أفاد الأسرى في سجون هداريم وهشارون لمحامي مؤسسة الضمير، أنه ومع وجود لجنة إردان الخاصة أصبح هناك تقليص في كمية الطعام المتوفر إلى 3 كيلوغرامات من اللحوم والخضراوات لكل شخص في الشهر.

التعليم 

وفقاً لقانون مصلحة السجون المتعلق بتعليم الأسرى والذي تم اعتماده في عام 2004 وتم تطبيقه عام 2006، فإنه يسمح للأسرى بالحصول على شهادات التعليم العالي في السجون، وتم تطبيق ذلك من خلال مصلحة السجون بالتعاون مع جامعات معينة، وحددت مصلحة السجون ماهية المساقات المسموح تعلمها من عدمها وهذا ينطبق أيضاً على الكتب. من بعض المساقات والكتب المحظورة "علم الأحياء، الكيمياء، الفيزياء، وتكنولوجيا المعلومات"، والمواد التي تتطلب طاولة رسم، وأيضاً المواد التي من ممكن أن تضر بأمن "إسرائيل"، هذا يعني أن المساقات المسموح بها تقتصر على العلوم الاجتماعية.

مع ذلك، وكما ذكر بالسابق، في حزيران 2011، حظرت قوات الاحتلال التعليم العالي للفلسطينيين في السجون، وجاء ذلك كعقوبة رداً على اعتقال الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي تم أسره من قبل حماس. جرت عدة محاولات من قبل منظمات المجتمع المدني لاستئناف قرار حظر التعليم العالي للأسرى الفلسطينيين، حيث وصل الاستئناف إلى المحكمة العليا الإسرائيلية في عام 2015، وكان القرار سلبياً حيث قررت المحكمة الإبقاء على الحظر.

نتيجة لذلك، توقف التعليم في جميع السجون لفترة معينة، مما جعل الأسرى الفلسطينيين يتلقون التعليم العالي من خلال قيام العديد من الأسرى المتعلمين بتدريس الأسرى الفلسطينيين في صفوف غير منظمة، ومع ذلك، أصبح هذا التعليم غير الرسمي يقتصر على سجن واحد فقط "سجن هداريم"، لحقيقة أن في سجن هداريم عدد من الأسرى المتعلمين الذين أصبحوا يعلمون الأسرى، وكما قال ن.أ.س.، أسير في هداريم، لمحامي الضمير "هناك حوالي 40 إلى 50 طالباً فلسطينياً في سجن هداريم، بعض منهم يتقدمون لشهادات البكالوريوس والبعض الآخر للماجستير".

مع تشكيل اللجنة الخاصة الجديدة، أصبح هناك زيادة في القيود المفروضة على التعليم وتوفير الكتب، وفي تاريخ 3/9/2018، في سجن هداريم، تمت مصادرة ما يقارب 1800 كتاباً تربوياً، وتم حظر جميع الكتب التعليمية في وقت لاحق، وهذا يعني أن عائلات الأسرى لم يعد بإمكانها إدخال الكتب لأبنائهم.

وأبلغ الأسير م.س. لمحامي مؤسسة الضمير" أنه في العام الماضي، بتاريخ 31/12/2017، أقدمت وحدة استخبارات السجون الإسرائيلية في سجن هداريم على مصادرة كافة الكتب وقامت بمراجعتها، وبعد بضعة أيام قاموا بإعادة بعض منها فقط، وحالياً هذا ما يحدث، فلا يسمح لنا إلا بالحصول على روايات، أما الكتب التعليمية فهي غير مسموح بها بعد الآن. بعد تشكيل اللجنة الخاصة الجديدة، يسمح لكل أسير 7 كتب فقط، لقد كانت مكتبتنا تحتوي على أكثر من 5000 كتاب، والآن أصبحت فارغة. يعتمد أولئك الذين يرغبون في التعلم أو التعليم على معرفتهم وذاكرتهم، لأنه ليس لديهم أي شيء آخر".

بتاريخ 23/10/2018، زار محامي مؤسسة الضمير سجن هداريم مرة أخرى. وأفاد الأسرى هناك بأن "مصلحة السجون قد أبلغتهم بقرارات جديدة سوف يتم تطبيقها في السجن، وأيضاً بأن الأسيرات في هشارون سوف ينقلن إلى سجن الدامون قبل 5/11/2018".

بالإضافة إلى الطعام والتعليم، قامت مصلحة السجون بإزالة جميع الكراسي والطاولات والألعاب مثل الشطرنج وجميع المواد الترفيهية الأخرى، نتيجة لذلك، توقف الأسرى عن الخروج إلى الفورة، ومنذ 22/10/2018 يعيد الأسرى وجباتهم كوسيلة للتعبير عن رفضهم للإجراءات العقابية الجديدة، وفي تاريخ 23/10/2018 بدأ عدد قليل من الأسرى إضراباً عن الطعام رفضاً للإجراءات العقابية الجديدة مثل" أيمن سلهب ومحمود القواسمي وسمير عبد اللطيف، إضافة إلى كفاح حطاب وخليل أبو عرام" المضربين عن الطعام تضامناً مع الأسيرات في سجن هشارون.

هشارون

كجزء من الإجراءات العقابية، تم إعادة تشغيل الكاميرات في سجن هشارون بعد تعطيلها لسنوات على أثر اتفاق بين الأسيرات والإدارة عام 2011، رفضت الأسيرات بطبيعة الحال الكاميرات، ومنذ 6 أيلول رفضن الخروج إلى الفورة. وكجزء من احتجاجهم، بعثت الأسيرات برسالة توضح أن جميع مرافقهم الترفيهية موجودة في منطقة الكاميرات، وبهذا لا يمكنهن الوصول إليها، وفي تاريخ 20/9/2018، اقترحت مخابرات الاحتلال إيقاف تشغيل الكاميرات لمدة ساعتين ونصف، لتحصل الأسيرات على وقت للترفيه، ولكن الأسيرات رفضن ذلك لاعتباره غير كافي. بعد رفض الأسيرات للاقتراح المقدم من مخابرات الاحتلال تعرضن للتهديد بالنقل إلى سجن الدامون، وتم سحب الاقتراح الذي يقضي بإيقاف الكاميرات لساعتين ونصف.

بعد زيارة هشارون، أضاف محامو الضمير أن الأسيرات يستخدمن الصفوف الدراسية في وقت فراغهم. مع ذلك، وبعد مرور عام من عدم وجود معلمة لتعليم الأسيرات القاصرات، منذ 3/10/2018، تأتي المعلمة كل يوم أربعاء ويتم استخدام الفصل الدراسي طوال اليوم. كما وذكرت الأسيرات أن هناك نقصاً في توفير الطعام، وخاصة أنواع من الخضار والخبز، وانخفاض في نوعية وجبات الطعام، وأصبحن يتلقين بعض الوجبات غير مطبوخة جيداً، وخاصة الأرز. كما وذكرت الأسيرات أنه لا يتم توفير المياه الساخنة لهن منذ بداية أيلول 2018، وجاء رد مصلحة السجون حول توفير المياه الساخنة بأنها تبحث في الأمر.

وأفادت الأسيرات أيضاً بأن الخدمات الطبية غير متوفرة لديهن، وهناك سلوك سيء للطبيب في سجن هشارون، كما أن العلاج الوحيد الذي يقدمه الطبيب هو نصيحة للأسيرات بشرب المزيد من الماء، وبالتالي تقدمت الأسيرات بشكوى ضد الطبيب وهن في انتظار الرد، من الجدير بالذكر أن هناك 9 أسيرات مصابات وعدد من الأسيرات اللواتي يعانين من حالات صحية أخرى.

أعربت الأسيرات عن قلقهن إزاء القيود الجديدة، كما يتوقعن المزيد من العقوبات على وجه التحديد فيما يتعلق بالزيارات العائلية، لأن بعض أقربائهن لم يحصلوا على تصاريح الزيارة لهذا الشهر.

قدمت مؤسسة الضمير شكوى ضد تشغيل الكاميرات في سجن هشارون، ومع ذلك بتاريخ 17/10/2018، ردت إدارة سجن هشارون نسبياً بقولهم، إن معظم سجون الاحتلال تتضمن كاميرات ويجب أن يكون هشارون كباقي السجون. ولم يأخذ هذا التصريح بعين الاعتبار بأن سجن هشارون هو سجن للإناث بالتالي يتطلب معاملة خاصة بحسب ما تنص عليه المواثيق الدولية.

التحليل القانوني

كنقطة انطلاق فيما يتعلق بأوضاع الأسرى، تنص المادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن استخدام الظروف التي يتم بموجبها احتجاز الشخص كوسيلة من وسائل العقاب الجماعي لا يتماشى مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان، وهذه الأشكال من العقاب الجماعي محظورة بشكل واضح بموجب القانون الدولي، وهذا ما نصت عليه أيضاً اتفاقية جنيف الرابعة في المادة (33) واتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية في المادة (50).

بالإضافة إلى ذلك، فيما يتعلق بمستوى النظافة والغذاء، تنص المادة (76) من اتفاقية جينيف الرابعة على أنه يتوجب أن يتمتع الأسرى بنظام غذائي وصحي يكفل المحافظة على صحتهم.

فيما يتعلق بالعناية الطبية الكافية والعلاج، تشدد المادة (91) على أنه "يجب أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة يحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية..."  كما وتؤكد المادة (92) على أنه "تجرى الفحوصات الطبية للمعتقلين مرة واحدة على الأقل شهرياً لمراقبة الحالة الصحية والتغذية العامة والنظافة...". يتبين أن قيام سلطات الاحتلال بمنع العلاج عن المعتقلين أو تأخيره، وعدم توافر أطباء مختصين هو انتهاك صارخ لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني.

أما فيما يتعلق بتشغيل الكاميرات في سجن هشارون، فإنه بخلاف كونها انتهاكاً للمادة (17) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية -الذي يكفل حق جميع الأشخاص في الخصوصية- فإن هذا الفعل يشكل أيضاً انتهاكاً لقواعد بانكوك، وعلى وجه التحديد، القاعدة (41) التي تنص على أنه يجب على سلطات السجون "مراعاة أن السجينات يشكلن خطراً أقل على الآخرين والآثـار البالغـة الـضرر التي يمكن أن تتعرض لها السجينات من جراء التدابير الأمنية ومستويات العزل المشددة"، كما تنص القاعدة (43) على ضرورة إقامة الزيارات الرسمية للسجون" لضمان عافيتهن العقلية وإعادة إدماجهن في المجتمع". وفي حالة سلطات الاحتلال، لم تكن الزيارات بهدف ضمان عافيتهن، وإنما بهدف التضييق على الأسيرات وتفعيل تدابير أمنية تضر برفاهيتهن.

يكفل القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان حق الأسرى في التعليم. وعلى وجه الخصوص، تكفل المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق بالتعليم للجميع، ويؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية -الذي صادقت عليه إسرائيل عام 1991-أن التعليم يجب أن يكون موجهاً نحو التطوير الكامل لشخصية الإنسان والشعور بكرامته، وأن يعزز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما وتحث المادة (94) من اتفاقية جنيف الرابعة على اتخاذ جميع التدابير العملية لضمان ممارسة جميع التوجهات الفكرية والتربوية والترفيهية، وينص أيضاً على أن تُمنح جميع التسهيلات الممكنة للمعتقلين لمواصلة دراستهم أو البدء بمواضيع جديدة.

تدعي سلطات الاحتلال أن كافة الحقوق المرسخة في العهود والمواثيق الدولية هي مجرد امتيازات وتجردها من صفاتها كحقوق أساسية. إن للأسرى الحق في أن يعاملوا بإنسانية وكرامة، ولهم الحق في التمتع بالغذاء الصحي والنظافة، بالإضافة إلى الحق في تلقي الخدمات الطبية الكافية، والحق في التعليم وهو ما تنكره سلطات الاحتلال وتنتهكه بشكل ممنهج، وهذا يظهر جلياً من خلال التدهور المستمر والمتزايد في ظروف الاعتقال في كل عام.

في تاريخ 4\9\2008، اعتمد البرلمان الأوروبي قراراً يدعوا إسرائيل إلى ضمان احترام الحد الأدنى من معايير الاعتقال، وتقديم جميع المعتقلين للمحاكمة، ووضع حد لاستخدام الاعتقال الإداري، ووضع شروط مناسبة لزيارة القاصرين والأسرى بشكل عام، وانطلاقاً من ذلك تدعوا مؤسسة الضمير الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات بشأن قراراته المذكورة، والعمل على وضع الاحتلال عند مسؤولياته لانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما ندعو المجتمع الدولي إلى تعزيز مشاركته من خلال الالتزام بمسؤوليته كطرف ثالث وضمان حقوق 5800 أسيرة وأسير فلسطيني.

تواصل مؤسسة الضمير مراقبة عمل هذه اللجنة الخاصة الجديدة، وسوف تقدم التقارير للكشف عن أي قيود قديمة أو جديدة تفرض ضد الأسرى الفلسطينيين.