مؤسسات الأسرى تستعرض أبرز المعطيات حول عمليات الاعتقال التي نفذها الاحتلال وواقع الأسرى في السجون في ضوء العدوان الشامل والإبادة في غزة

 

(2070) حالة اعتقال خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023 من بينها (1760) بعد السابع أكتوبر..

 

رام الله - شكّلت سياسة الاعتقال الممنهجة والثابتة، إحدى أبرز السّياسات التي اتبعتها المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية على مدار العقود الماضية، لاستهداف الوجود الفلسطينيّ، واليوم في ظل العدوان الشامل الذي يشهده شعبنا الفلسطيني، والإبادة الجماعية التي تنفّذها في غزة، وذلك ضمن إطار عمليات المحو المستمرة، لكل ما هو فلسطيني؛ تصاعدت حملات الاعتقال الممنهجة والتي طالت كافة فئات المجتمع الفلسطينيّ، في محاولة جديدة من منظومة الفصل العنصري الإسرائيلية، لتقويض أي حالة نضالية تسعى لترسيخ حق الفلسطيني في تقرير مصيره، وجاء هذا العدوان والإبادة بحقّ شعبنا في غزة، امتدادًا لتاريخ هذه المنظومة الاستعمارية.

 

وفي ضوء متابعة مؤسسات الأسرى، (هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة – القدس) للواقع الراهنّ الذي فرضه العدوان، وما رافقه من حملات اعتقال، وإجراءات لاستهداف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، فإنها تستعرض من خلال هذه النشرة، أبرز السياسات والجرائم التي نفذها الاحتلال على صعيد هاتين القضيتين خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري 2023.

 

ووفق سعمليات الرصد والمتابعة، التي وثقتها المؤسسات خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وثقت (2070) حالة اعتقال في الضّفة بما فيها القدس، وكان من ضمن الـ(2070) حالة، (145) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، وأكثر من (55) حالة اعتقال بين صفوف النساء.

وكان التّحول الأبرز في جريمة الاعتقال الإداريّ، حيث أصدر الاحتلال خلال شهر أكتوبر (1034) أمر اعتقال إداريّ، من بينها (904) أمر اعتقال إداري جديد، و(130) أمر تجديد.

 

الاحتلال كثّف من حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر مع بداية عدوان الاحتلال الشامل والإبادة على غزة..

نفّذ الاحتلال حملات اعتقال واسعة بعد السابع من أكتوبر وبلغت حتى نهاية أكتوبر (1760) حالة اعتقال شملت كافة الفئات، حيث بلغ متوسط عمليات الاعتقال اليومية بعد هذا التاريخ، نحو (73) حالة اعتقال، وهذه النسبة تزيد بثلاثة أضعاف عن حملات الاعتقال التي كانت تنفّذ قبل هذا التاريخ، وبلغ عدد الصحفيين الذين اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر (18)، فيما بلغ عدد النواب (14)، وأصدر الاحتلال (872) أمرًا، غالبيتها أوامر جديدة، هذا وتشير مؤسسات الأسرى إلى أنّ حملات الاعتقال تركزت بعد هذا التاريخ في محافظة الخليل وبلداتها، حيث بلغت حالات الاعتقال فيها (500)، تليها القدس التي سُجل فيها أكثر من (400) حالة اعتقال.

وتوضح مؤسسات الأسرى، أنّ المعطيات أعلاه حول حالات الاعتقال شملت كل من تعرض للاعتقال خلال هذه المدة، سواء من أبقى الاحتلال على اعتقاله وجرى نقله إلى المعتقلات والسّجون لاحقًا، ومن تم الإفراج بعد فترة وجيزة من الاعتقال، وهذا يشمل كافة الفئات التي جرى استهدافها، سواء من جرى اعتقالهم بشكل منظم من منازلهم، أو عبر الحواجز العسكرية، أو بعد عمليات الاستدعاء، وكذلك من اعتقلوا كرهائن من العائلة، للضغط على أحد أفرادها بتسليم نفسه.

وتشكل هذه الأعداد لحالات الاعتقال في الضّفة، هي الأعلى منذ سنوات انتفاضة الأقصى، هذا إلى جانب عمليات الاعتقال التي تعرض لها شعبنا في الأراضي المحتلة عام 1948، والتي لم تتوفر معطيات دقيقة عنها، وكذلك عن أعداد المعتقلين من غزة بما فيهم العمال.

 

ووفقًا للمعطيات فإن عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر نحو (7000) أسير، من بينهم (62) أسيرة، فيما لا تتوفر أعداد دقيقة للمعتقلين الأطفال، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين (المعتقلون دون تهمة) (2070) معتقل إداريّ، وبلغ عدد المعتقلين من غزة الذين صنفهم الاحتلال (بمقاتلين غير شرعيين) (105).

وحتّى تاريخ إعداد هذه النشرة نؤكّد أنّ أعداد المعتقلين من عمال غزة سواء من اعتقلوا في الأراضي المحتلة عام 1948، أو من جرى اعتقالهم في الضّفة لاحقًا، يرفض الاحتلال تزويد المؤسسات الحقوقية بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أي معطيات عن مصيرهم.  

 

الاحتلال نفّذ جرائم مكثفة بحقّ المعتقلين وعائلاتهم هي الأخطر منذ عقود

ضرب وتكسير واعتداءات بالجملة أثناء عملية الاعتقال

 

  تابعت مؤسسات الأسرى، العشرات من الشهادات الأولية، من معتقلين جرى الإفراج عنهم بعد اعتقالهم بفترة وجيزة، وكذلك عائلات المعتقلين الذين استهدفوا خلال حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر، والتي عكست مستوى عال من الاعتداءات والانتهاكات والجرائم الممنهجة، والتي وصلت إلى حد تهديدهم بإطلاق النار بشكل مباشر، والضرب المبرح، والتحقيق الميداني، والتهديد بالاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية وغيرها من الانتهاكات الوحشية.  

 

وأدت هذه الاعتداءات، والجرائم الممنهجة إلى إصابة العديد من المعتقلين، وأفراد من عائلاتهم، بإصابات جسدية مختلفة، وتعمد الاحتلال بعد اعتقالهم بتركهم دون علاج، ومن ضمن ما وثقته المؤسسات، كما وعكست شهادات العائلات العديد من الأعراض النفسية التي ظهرت على أفراد من العائلة ومنهم الأطفال جرّاء عمليات الاقتحام الوحشية التي جرت لمنازل المواطنين.

 

ومن ضمن الحالات التي وثقّتها المؤسسات، حملة اعتقالات ومداهمات الواسعة التي نفّذها الاحتلال في مخيم الجلزون في 23/10/2023، واستمرت لساعات طويلة، حيث استخدم خلالها شتى أنواع الترهيب والتنكيل، إضافةً إلى اعتقال العشرات، وحسب ما أفادت والدة الأسيرين محمد وعدي نخلة، فإنّ قوات مدججة من جيش الاحتلال كانت قد اقتحمت المنزل فجرًا وقاموا بضرب الأبناء بشكل مبرح أمام والديهم، حيث قاموا بربط الابن الأصغر ريان (16عاما) بعصبة وبدأوا بضربه أمام باقي أفراد العائلة وتهديده بالقتل، ولم يكتف الجنود بضربه بل أحضر أحد الجنود سكينًا وقام بوضعها على رقبته ثم هدده بالقتل، واستمر اقتحام حيش الاحتلال للمنزل أكثر من ثلاث ساعات استخدموا فيها شتى طرق الضرب والتنكيل مع معظم أفراد العائلة وعاثوا خرابًا في المنزل قبل انسحابهم واعتقالهم لمحمد وعدي نخلة.

 

وفي بلدة جناتة في بيت لحم، تعرضت عائلة المسن عبد الله العروج، لعملية اعتقال جماعية طالت أربعة من أبنائه، ليرتفع عدد المعتقلين من أبنائه 6 حيث اعتقل الاحتلال شقيقين قبل السابع من أكتوبر، ونفّذت قوات الاحتلال اعتداءات بالضرب المبرح على والدهم المسن، عدا عن عمليات التخريب الواسعة التي طالت المنزل، والتهديدات، ولم تقتصر عملية الاقتحام على منزل والدهم بل طالت منازل أبنائه، والأشقاء المعتقلون اليوم هم: إسماعيل، وإبراهيم، ومحمد، وجعفر، وأحمد وعيسى العروج.

 

وفي إطار هذه الجرائم، تابعت المؤسسات، قيام جنود الاحتلال بتصوير فيديوهات للمواطنين الذين يتم اعتقالهم، وكان من بينهم فيديو ظهر فيه جنودا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، يقومون بتعذيب مجموعة من المواطنين المدنيين العزل في ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية، بعد تجريدهم من ملابسهم، وكان هذا الفيديو جزءًا من مجموعة مقاطع مصورة أخرى، يقوم جنود الاحتلال بتصويرها لمواطنين فلسطينيين بعد اعتقالهم في ظروف مهينة، والتعمد بوضع علم الاحتلال على المعتقلين وهم معصوبو الأعين، ومقيدون.

 

استخدام الأهالي كرهائن للضغط على أفراد العائلة لتسليم أنفسهم..

 

منذ بداية الاحتلال في حملته بالضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر، برزت سياسة احتجاز بعض أفراد العائلات من أجل الضغط على أبنائهم وأزواجهم لتسليم أنفسهم لجيش الاحتلال، وهو ما يعتبر ضمن سياسة العقاب الجماعي بحق المواطنين، ويشكل جريمة حرب حسب نظام روما الأساسي، وقد سلجت عدة حالات لاحتجاز واعتقال من نساء وأطفال للضغط على ذويهم، إحدى الحالات التي وثقت كانت لطفل (ن.ب) لم يبلغ الثالثة من عمره، حيث اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلته بهدف اعتقال والده، وعندما لم تجده بدأت بالتحقيق مع أفراد العائلة بهدف الوصول إليه، ثم قاموا باحتجاز الطفل خارج المنزل لمدة ساعة ونصف، ثم أطلقوا سراحه وقام والده بتسليم نفسه لجيش الاحتلال.

 

ولم تكن حالة احتجاز الطفل هي الحالة الوحيدة ضمن هذه السياسة بل سجلت العشرات الحالات، فقد اقتحم جيش الاحتلال منزل أحد المواطنين من قرى مدينة رام الله فجرًا وقاموا بتفتيشه وجمع أفراد العائلة، ثم قاموا باعتقال زوجته وأخذها إلى أحد مراكز التوقيف لعدة ساعات ومعاملتها معاملة قاسية، ثم أفرجوا عنها لاحقًا بعد أن قام زوجها بتسليم نفسه لجيش الاحتلال.

 

إجراءات انتقامية مكثفة وواسعة تندرج ضمن جريمة (العقاب الجماعي) فرضها الاحتلال بحقّ الأسرى

  شرعت إدارة سجون الاحتلال، بعد السابع من أكتوبر، بفرض إجراءات انتقامية جماعية في إطار جريمة (العقاب الجماعي) الثابتة والممنهجة بحقّ الأسرى، وكانت الأشد والأخطر منذ عقود، وقد تمكّنت المؤسسات المختصة، من خلال زيارات محدودة نفّذتها لبعض السّجون، وجرت ضمن ظروف بالغة الصعوبة بعد قرار إعلان إدارة السجون بوقف الزيارات، وكذلك زيارات عائلاتهم، وكذلك من خلال الشهادات التي حصلت عليها المؤسسات لأسرى أفرج عنهم مؤخرًا، من رصد هذه الإجراءات، والتي تشكّل فعليًا امتدادًا لجملة من السياسات والإجراءات التي انتهجتها بحقّ الأسرى على مدار عقود طويلة.

فقد نفّذت قوات القمع المدججة بكافة أنواع الأسلحة، عمليات اقتحام واسعة لأقسام الأسرى وزنازينهم، ووضعت الأسرى بعزل جماعي، ومضاعف، حيث تحوّلت كافة (غرف الأسرى) إلى زنازين بعد تجريدهم من كافة مقتنياتهم، ومصادرة كافة الكهربائيات البسيطة التي كان يستخدمونها، لتلبية احتياجات أساسية لهم، ونفّذت اعتداءات واسعة بحقّ الأسرى، من خلال الضرب المبرح مستخدمة العصي والهراوات، وتسببت بإصابة العشرات بصفوفهم، وتعمدت بعد ذلك تركهم دون علاج. 

 

ومسّت هذه الإجراءات مقومات الحياة الأساسية (الطعام، الماء، العلاج، والكهرباء)،  بعد أن أقدمت في البداية على قطع الكهرباء عن أقسام الأسرى، وتقليص كمية المياه، والساعات توفرها لهم، وضيقت بشكل غير مسبق على الأسرى المرضى، وضاعفت من سياسات الحرمان من العلاج القائمة أصلا، وأوقفت نقل الأسرى إلى عيادات السّجون، وكذلك المستشفيات، كما وفرضت عملية تجويع، بعد إغلاق (الكانتينا)، ومصادرة ما تبقى مع الأسرى من مواد غذائية (كالمعلبات)، وقصلت وجبات الطعام إلى وجبتين، والتي لم تعتد ترتقي إلى وصف الوجبات فهي عبارة عن لقيمات غير صالحة للأكل.

 

 وأغلقت كافة المرافق منها المغسلة التي كان الأسرى يستخدمونها لغسل ملابسهم، وذلك بعد أن صادرت ملابسهم وأبقت للأسير غيار واحد فقط، وفي بعض السّجون صادرت الأحذية، والمخدات، كما ونفّذت عمليات نقل جماعية بحق الأسرى، وعزلت العديد منهم انفراديًا، بعد الاعتداء عليهم بالضرب المبرح، ونتيجة لحملات الاعتقال اليومية، فقد اكتظت السّجون بالمعتقلين الجدد، فالغرفة التي تتسع لستة أسرى، تجاوز عدد الأسرى فيها العشرة، وإلى جانب كل هذا نفذت عمليات استجواب وتحقيق للعديد من الأسرى حول الوضع الراهن.

 

من الجدير بالذكر أن كل هذه الإجراءات شملت عيادة سجن الرملة والتي يحتجز فيها الأسرى المرضى، حيث اشتكى الأسرى في عيادة سجن الرملة من صعوبة التفتيشات وكميات الطعام التي لا تتناسب مع كمية الأدوية التي يتناولونها، منذ ٧، إضافة إلى ذلك شملت الإجراءات سجن الدامون حيث تتواجد الأسيرات، وقد تعرضت الأسيرات منذ السابع من أكتوبر لعدة عمليات قمع ترافقت مع رش الغاز وقمع ثلاثة أسيرات ووضعهن بالعزل، حيث لم تزل ممثلة الأسيرات في العزل حتى اليوم.

 

ونفّذ الاحتلال عملية اغتيال عن سبق إصرار بحقّ المعتقلين عمر دراغمة (58 عامًا) من طوباس، وعرفات حمدان (25 عامًا) من رام الله، وهما من ضمن من جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبرلمًا أن الاحتلال وفي إطار الإبادة التي ينفذها في غزة، وقد جرى تشريح جثامينهم إلا أن التقارير الطبية لم تصدر بعد، إضافة إلى ذلك فقد اغتال العشرات من الأسرى المحررين، ومنهم من تم إبعادهم إلى غزة بعد الإفراج عنهم.

 

وفي إطار هذه الجرائم، تابعت المؤسسات، قيام جنود الاحتلال بتصوير فيديوهات للمواطنين الذين يتم اعتقالهم، وكان من بينهم فيديو ظهر فيه جنودا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، يقومون بتعذيب مجموعة من المواطنين المدنيين العزل في ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية، بعد تجريدهم من ملابسهم، وكان هذا الفيديو جزءًا من مجموعة مقاطع مصورة أخرى، يقوم جنود الاحتلال بتصويرها لمواطنين فلسطينيين بعد اعتقالهم في ظروف مهينة، والتعمد بوضع علم الاحتلال على المعتقلين وهم معصوبو الأعين، ومقيدون.

 

وفي هذا الإطار تؤكّد المؤسسات أنّ واقع الحياة الاعتقالية للأسرى اليوم، هي أشد صعوبة وخطورة من واقع الأسرى في تاريخ التجربة الاعتقالية في سجون الاحتلال.

 

قوانين وتعديلات على أوامر عسكرية لتسهيل عمليات الاعتقال وتوسيعها

 

منذ بداية عام 2023 باشرت حكومة الاحتلال بسن سلسة من القوانين التي استهدفت الأسرى لتنكيل بهم، حيث قامت سلطات الاحتلال بإصدار مجموعة من الأوامر العسكرية والتعديلات على القوانين والتي كان من ضمنها التعديل على قانون السجون والذي خرق قرار المحكمة الإسرائيلية بتحديد حد أدنى للمساحة المعيشية لكل أسير والتي أقرتها المحكمة ب4.5 متر، وسمح القرار لإدارة السّجون بعدم الالتزام بمساحة العيش المقررة لكل أسير، وذلك حسب ظروف الزنازين ومساحاتها، ونص على إمكانية احتجاز الأسرى بدون سرير في الحالات التي لا يمكن توفير السرير ولأقصر مدة ممكنة، الأمر الذي انعكس على الأسرى؛ حيث أصبح هناك اكتظاظ كبير في الزنازين، إضافة الى نوم الأسرى على الأرض، وتقدمت مجموعة من المؤسسات الحقوقية بالتماس ضد هذا الأمر الذي اعتبرته المؤسسات غير دستوري بسبب إمكانية اتخاذ إجراءات للحد من الاكتظاظ، كالتي تم اتخادها خلال فترة فيروس كورونا والتي وجد انها فعالة، إلا أنّ المحكمة العليا رفضت الالتماس معللة ذلك بأن انتهاكات حقوق الإنسان في أوقات الحرب لا يمكن مقارنته بالتقييم في الحالات السلمية".

 

وأصدر ما يسمى بالحاكم العسكري أو (بقائد المنطقة) أمرًا عسكريًا مؤقتًا رقم (2148) فيما يخص الاعتقال الإداري؛ حيث تم تمديد مدة إصدار أمر الاعتقال من 72 ساعة الى 6 أيام، وأيضا تمديد مدة تأجيل إطلاق سراح الأسير حتى يتم إصدار أمر الاعتقال الإداري من 72 ساعة لتصبح 6 أيام، أما المراجعة القضائية لأوامر الإداري تم تمديدها من 8 أيام لتصبح 12 يوما. وهو ما يظهر التعسف في احتجاز الأسرى الفلسطينيين، لمدد طويلة دون محاكمة أو تهمة ويتيح لقائد المنطقة مدة أطول لإصدار أوامر الاعتقال لعدد أكبر من الأسرى، وهذه المدد الطويلة تعطي فرصة لإدارة السجون بالتنكيل بالأسرى وتحول دون تمتعهم في الحد الأدنى من حقوقهم، ويشجع دولة الاحتلال على الاستمرار في احتجاز عدد أكبر من الفلسطينيين وزجهم في السجون. ونذكر في هذ السياق أن المعتقلين الإداريين الذين اعتقلوا قبل 7 أكتوبر وتنتهي أوامر الاعتقال الخاصة بهم خلال مدة سريان هذا الأمر الذي ينتهي في تاريخ 30/11/2023 تنطبق عليهم ذات الإجراءات.

 

 ومن بين الإجراءات الأخيرة، عمل الاحتلال على تفعيل المادة (33) من الأمر العسكري رقم (1651)، والتي تنص على إجراءات الاعتقال "في حملة عسكرية لمواجهة الإرهاب" والتي تتيح اعتقال الشخص لمدة 8 أيام قبل عرضه على المحكمة بدلًا من 96 ساعة، بحيث يمنع تلقائيًا من لقاء محاميه لمدة يومين.

 

أما فيما يتعلق في الأسرى الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال من قطاع غزة، فقد صدر بتاريخ 8/10/2023 أمر سجن المقاتلين غير الشرعيين (أمر مؤقت) الذي يفيد باعتبار أسرى قطاع غزة (كمقاتلين غير شرعيين) بناءً على قانون المقاتل غير الشرعي الإسرائيلي الصادر عام 2002، وبتاريخ 13/10/2023 صدر تعديل على قانون المقاتل غير الشرعي تحت عنوان "المواعيد النهائية للتعامل مع المقاتلين غير الشرعيين أثناء الحرب او العمليات العسكرية للعام 2023" والذي يستبدل مدة إصدار أمر الاعتقال من 7 أيام الى 21 يوم، ومدة المراجعة القضائية من 14 يوما الى 30 يوما، وزيارة المحامي تكون خلال 21 يوما قبل موعد المراجعة القضائية بدل من 7 أيام، والمنع من لقاء المحامي على يد المسؤول عن إصدار قرار الاعتقال يصبح 28 يوما من تاريخ الاعتقال بدل 10 أيام.

 

وتستمر دولة الاحتلال بانتهاك ضمانات المحاكمة العادلة وحق الأسرى في الحصول على الاستشارة القانونية من خلال تعليمات تُعدل على قانون الاعتقالات لعام 1996، الذي يسري على فلسطيني الأراضي المحتلة لعام 1948 وسكان قطاع غزة والذي أعطى الحق لمسؤول التحقيق في تأجيل لقاء المحامي حتى 15 يوما، ومسؤول وحدة التحقيق يمنع أنّ يمدد المنع مدة 15 يوما إضافية بحيث لا تتجاوز المدة 30 يوما، أما رئيس أو نائب رئيس المحكمة المركزية يمكن أن يمدد المنع لمدة 20 يوما في المرة الواحدة بحيث لا تتجاوز مدة المنع الكلية 90 يوما. 

 

تواصل دولة الاحتلال إصداد التعديلات التعسفية والتي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين الفلسطينيين كالأمر الذي صدر بشأن "تشديد التعامل مع مخالفات التحريض ودعم منظمات معادية (تعليمات مؤقتة)"، والذي رفع العقوبة على "التحريض" ودعم "المنظمات المعادية" التي تم ذكرها في الأمر بالحبس لمدة عامين كحد أدنى. ومع العلم أن انتهاج دولة الاحتلال لسياسة الإدانة على تهم التحريض ليست بالسياسة الجديدة، إلا أن تشديد العقوبة خلال "حالة الحرب" يهدف الى ترهيب الفلسطينيين وقمع أي مظاهر دعم وتأييد للفصائل الفلسطينية المذكورة في الأمر.

 

في ضوء العدوان والإبادة التي ينفذها الاحتلال بحقّ شعبنا في كافة أماكن تواجده، وفي محاولته المستمرة لعمليات المحو والتهجير، لاستهداف الوجود الفلسطيني، فإننا وكمؤسسات تتابع إحدى أبر القضايا التي أفرزتها سياسات المنظومة الاستعمارية للاحتلال والتي تنفذ جرائمها على مرأى من العالم وبتأييد من القوى الدولية، نؤكد مطالبنا اليوم فقط للأحرار الذي خرجوا في الميادين في العالم تأييدًا للحق الفلسطيني في تقرير مصريه، ورفضًا لجرائم الاحتلال، أن يواصلوا دعهم للحق الفلسطيني، في سبيل تقرير مصيره، ورسالتنا لكل حر ما يزال يؤمن بالحق والكرامة الإنسانية أنّ حق الفلسطيني في تقرير مصيره هي الطريق لحماية الإنسانية في هذا العالم.