تقرير حول أبرز مستجدات السجون والاعتقالات منذ بداية العدوان على الشعب الفلسطيني..

رام الله – مؤسسة الضمير، منذ بداية العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، تصاعدت الاحداث بشكل تدريجي الأمر الذي أدى إلى تصاعد انتهاكات سلطات الاحتلال بحق المواطنين بشكل كبير جدًا. ومنذ بدأ العدوان حتى اليوم، بلغت حصيلة شهداء قطاع غزة أكثر من 5926 شهيدًا أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، فيما بلغ عدد شهداء الضفة الغربية المحتلة نحو 101 شهيدًا. ومع تصاعد الأحداث، بدأت قوات الاحتلال بشن حملات اعتقالات واسعة لا زالت مستمرة في شتى مدن وقرى الضفة الغربية والقدس المحتلة، وبلغ مجمل الاعتقالات منذ السابع من أكتوبر حتى يومنا هذا أكثر من 1266 معتقل في الضفة الغربية والقدس، منها ما يقارب 32 حالة اعتقال لنساء، و14 صحفيًا، ورصد أيضًا اعتقال 13 نائبًا من نواب المجلس التشريعي، وأكثر من 18 حالة اعتقال سجلت في صفوف الأطفال، ونحو 22 طالبًا جامعيًا.

أما فيما يتعلق في الأراضي المحتلة عام 1948، فإنه جرى اعتقال عدد من الفلسطينيين، وحتى الآن لا نستطيع تحديد العدد الدقيق، وذلك بحق النشطاء والمحامين والفنانين، على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وتهمة مساعدة العدة أثناء الحرب.

عدا عن حالات الاعتقال، فإنه جرى فصل عدداً من الطلبة من الجامعات على خلفية منشورات تتعلق بالعدوان عل قطاع غزة.

المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة

بخصوص المعتقلين من قطاع غزة، فحتى الآن لا تتوفر معلومات دقيقة حول الأعداد الفعلية للمعتقلين، إلا أن المعلومات الأولية لمؤسسات الأسرى تفيد أن عددهم وصل إلى حوالي 4000 معتقل، ما بين المعتقلين الذين جرى اعتقالهم أثناء المعركة وبين العمال الفلسطينيين الذين تواجدوا في الداخل المحتل بعد 7 أكتوبر.

وأصدر وزير الأمن الإسرائيلي أمرًا يفيد باحتجاز المعتقلين الفلسطينيين من غزة في معسكر يدعى "سدي تيمان" وهو معسكر للجيش بالقرب من بئر السبع، باعتبارهم "مقاتلين غير شرعيين" استنادًا إلى "قانون المقاتلين غير الشرعيين" الصادر في عام 2002.

كما وتابعت المؤسسات تمديد اعتقال مجموعة أخرى من المعتقلين (حوالي 50 معتقلاً) لأغراض التحقيق، وسيتم محاكمتهم وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب، مما يسمح بمنع المعتقلين من مقابلة محاميهم لمدة تصل إلى 21 يومًا.

كما تواجه المؤسسات صعوبة في الوصول إلى المواطنين المفقودين، حيث أن مصلحة السجون لا توفر معلومات عن أماكن احتجاز المفقودين، وما زال المحامون ممنوعون من زيارة المحتجزين في معسكرات عناتوت وهو معسكري للجيش بالقرب من مدينة القدس، ومعسكر وسديه تيمان، مما يمنع الاطلاع على ظروف الاحتجاز والتحقق من وجود المفقودين في هذه المعسكرات.

كما صدرت تعليمات للشرطة عن كيفية التعامل مع الدخول الى الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون تصريح وذلك حسب قانون "الدخول والمكوث في إسرائيل بشكل مخالف للقانون لسنة 1952". وجاء في التعليمات ما يأتي:

1- أي شخص يدخل الى إسرائيل بدون تصريح حتى وإن كان الدخول لأول مرة، يقدم له لائحة اتهام وذلك ينطبق على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.

2- في حال كان الشخص داخل الى اسرائيل بموجب تصريح لكنه مخالف شروط التصريح تقدم له لائحم اتهام "إخلال بشروط التصريح".

3- في حال دخل شخص الى إسرائيل بموجب تصريح ولم يخالف شروطه، لكن دخوله جاء بعد عيد العرش والحرب، لا تقدم له لائحة اتهام ويكتفى بإعادته الى مناطق الضفة الغربية.

سياسة العقاب الجماعي بحق المعتقلين وعائلاتهم خلال تنفيذ عمليات الاعتقال..

برزت خلال حملات الاعتقالات الأخيرة عدة انتهاكات تندرج ضمن سياسة العقاب الجماعي الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، حيث رصدت مؤسسات الاسرى استخدام جنود الاحتلال للضرب المبرح والتحقيق الميداني، والتهديد بالقتل والاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية، إضافة تخريب وتكسير في المنازل والاعتداء على عائلات المعتقلين قبل اعتقالهم، واستخدام القوة المفرطة اثناء الاعتقال، واستخدام عائلات المعتقلين كرهائن.

*الاحتلال يستخدم سياسة العقاب الجماعي بحق الأسرى داخل السجون والمعتقلات..

منذ إعلان دولة الاحتلال حالة الطوارئ وبداية العدوان على الشعب الفلسطيني، استفردت إدارة مصلحة السجون بالأسرى داخل سجون الاحتلال، حيث أقبلت الإدارة في اليوم الثاني من العدوان ( ٨ أكتوبر ٢٠٢٣) على تنفيذ سلسلة من الإجراءات الانتقامية والعقابية بحق الأسرى، تمثلت في إغلاق الأقسام في كافة السجون، وسحب محطات التلفاز المتاحة للأسرى، وعملت على زيادة أجهزة التشويش على هواتف الاتصالات، إضافة إلى إلغاء زيارات المحاميين وزيارات الأهل في جميع السجون التي كانت مقررة، والزيادة من وتيرة عمليات التفتيش لزنازين الأسرى، واقتحمت قوات القمع قسم الأسيرات في سجن الدامون مستخدمة الغاز، وقطعوا عنهم الكهرباء وتم عزل ممثلة الأسيرات مرح بكير وقاموا بنقلها الى معتقل الجلمة.

لم تكتف إدارة مصلحة السجون بهذه الإجراءات التنكيلية فحسب، بل عملت على سحب المواد الغذائية من مختلف السجون وإغلاق الكانتينا، والاكتفاء بتقديم وجبتي طعام خلال اليوم بكميات قليلة جدًا ونوعيات رديئة، وهو ما يعد عملية تجويع ممنهجة تمارسها إدارة مصلحة السجون للانتقام من الأسرى والتنكيل بهم دون الالتفات لأي من المعايير الإنسانية التي تكفل للأسرى أبسط حقوقهم بالعيش والمأكل داخل السجون، إضافة إلى ذلك، حرمت سلطات الاحتلال الأسرى المرضى منذ بداية العدوان من حقهم في العلاج حيث أغلقت عيادات السجن ومنعت الأسرى من الخروج إلى العيادات والمستشفيات الخارجية الأمر الذي يشكل خطرًا كبيرًا على حياة المعتقلين والأسرى، حيث يعاني العشرات من الأسرى من الأمراض الصعبة والمزمنة، وخاصة مرضى السرطان الذين بحاجة إلى تلقي العلاج بأسرع وقت، وهو ما يمثل اهمالًا طبيًا متعمدًا للتنكيل بالأسرى وقتلهم ببطئ، أيضًا عملت إدارة مصلحة السجون على الزج بالمعتقلين في سجون مكتظة، الأمر الذي أجبر عدد كبير من الأسرى من النوم على الأرض.

وفي ظل الاجراءات العقابية بحق الأسرى الفلسطينيين، والعزل المضاعف المفروض عليهم في ظل انقطاع الكهرباء ومنع زيارات العائلة والمحامين، وفي ظل حالة الاستفراد بالأسرى، أعلنت مصلحة السجون مساء أمس الإثنين 23/10/2023 عن ارتقاء الأسير المحرر والمعتقل الإداري عمر دراغمة 58 عامًا من مدينة طوباس، وحتى الآن لم نتمكن من التحقق عن سبب استشهاد المعتقل نتيجة لفرض العزل بحق الأسرى، مع العلم أنه وحسب محامي دراغمة فإنه كان قد تمكن من حضور جلسة المراجعة القضائية ( جلسة التثبيت) عبر تقنية "الفيديو كونفرس" في نفس اليوم وكان في صحة جيدة ولم تظهر عليه أية علامات مرض أو تعب حينها، قبل أن يُعلن عن استشهاده بساعات. وكان جيش الاحتلال قد اعتقل دراغمة في التاسع من أكتوبر الجاري مع نجله ضمن حملة اعتقالات شنتها سلطات الاحتلال في مدينة طوباس، مع العلم أنه أسير محرر كان قد أمضى عدة سنوات في معتقلات الاحتلال.

*ارتفاع كبير على أعداد المعتقلين الإداريين منذ بداية العدوان..

منذ بداية العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني وازدياد وتيرة الاعتقالات وحملات الاقتحامات المستمرة للمدن والقرى الفلسطينية، ارتفع عدد المعتقلين الإداريين بشكل كبير، وحسب مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد" منذ بداية الشهر ارتفع عدد المعتقلين الإداريين نحو 295 معتقلًا إداريًا جديدًا، وقد بلغ مجمل عدد المعتقلين الإداريين حتى اليوم أكثر من 1614 معتقلًا إداريًا دون تهمة أو محاكمة، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري بين تجديد لأوامر سابقة وأوامر جديدة نحو 330 أمرًا.

من الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال في إطار حملات الاعتقالات الواسعة تعمدت استخدام سياسة تمديد الاعتقال الإداري بحق المعتقلين الذين كانوا قد حصلوا على قرارات جوهرية من المحكمة، وهذا ما يندرج تحت سياسة الانتقام الجماعي من المعتقلين وعائلاتهم.

*الاحتلال يعمل على عرقلة عمل الطواقم القانونية في المحاكم العسكرية..

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وارتفاع عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال عملت سلطات الاحتلال على عرقلة وتضييق عمل الطواقم القانونية، ففي الاسبوع الأول من العدوان، منع المحامون من زيارة الأسرى في السجون بشكل كامل، أما في الأسبوع الثاني، فجرى السماح لبعض المحامين بزياة بعض السجون في ظل أجراءات معقدة ومماطلة. كما لا تتعاطى مصلحة السجون مع المحامين في حالات البحث عن أماكن تواجد المعتقلين الجدد أو المعتقلين من قطاع غزة، وهذا ما يؤدي إلى فقدان التواصل بين المعتقل ومحاميه وعائلته. ويحتاج المحامي 48 ساعة لمعرفة مكان احتجاز المعتقل، إضافة إلى تأجيل المحاكم العسكرية (عوفر وسالم) لكافات جلسات محاكم الإجراءات.

*سلطات الاحتلال تجري عدة تعديلات على القوانين والقرارات العسكرية في ظل عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني..

من بين الإجراءات الأخيرة، عمل الاحتلال على تفعيل المادة (33) من الأمر العسكري رقم (1651)، والتي تنص على إجراءات الاعتقال "في حملة عسكرية لمواجهة الإرهاب" والتي تتيح اعتقال الشخص لمدة 8 أيام قبل عرضه على المحكمة بدلًا من 96 ساعة، بحيث يمنع تلقائيًا من لقاء محاميه لمدة يومين.

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي، فعلت دولة الاحتلال حالة الطوارئ، قامت دولة الاحتلال بإصدار وتعديل بعض الأوامر التي تتعلق بالمعتقلين والأسرى داخل السجون، وبتاريخ 7/10/2023 تم المصادقة على قرار تحويل المحاكم الى جلسات تعقد عبر "الفيديو كونفرنس" خلال حالة الطوارئ، علماً أن الجلسات سوف تقتصر على جلسات تمديد التوقيف بهدف التحقيق أو تقديم لوائح اتهام، أو في حالات صدور اوامر اعتقال اداري، ستعقد جلسات المراجعة القضائية. وتم تأجيل كافة المفات التي كانت قد بدأت بها اجراءات المحاكمة.

كما صدر أمر سجن المقاتلين غير الشرعيين (أمر مؤقت)، الذي صدر بتاريخ 8 أكتوبر 2023، الذي يفيد باعتبار المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة كمقاتلين غير شرعيين بناء على قانون المقاتل الغير شرعي الإسرائيلي الصادر عام 2002، حيث نص الأمر على احتجاز معتقلي قطاع غزة في معسكر "سديت يمان" وهو معسكر للجيش يقع بالقرب من بئر السبع. ويسري هذا الأمر لمدة 10 أسابيع من تاريخه، وبتاريخ 13 أكتوبر تم إصدار تعديل على قانون المقاتل غير الشرعي، تحت عنوان أنظمة الطوارئ (المواعيد النهائية للتعامل مع المقاتلين غير الشرعيين أثناء الحرب او العمليات العسكرية للعام 2023 وقد شمل الآتي:

1- توسيع نطاق من يحق لهم إصدار أوامر الاعتقال ليشمل اللواء ومن أقل منه برتبة

2- يعطى اللواء مدة 21 يوم لإصدار أمر الاعتقال بدل 7 أيام

3- تُبدل مدة المراجعة القانونية لقرار الاعتقال من 14 يوم لتصبح 30 يوم

4- تكون زيارة المحامي خلال 21 يوم قبل موعد المراجعة القانونية بدل 7 أيام

5- المنع من لقاء المحامي على يد المسؤول عن إصدار قرار الاعتقال يصبح 28 يوم من تاريخ الاعتقال بدل 10 أيام

6- يمكن للقضاة تمديد المنع من لقاء المحامي مدة 45 يوم بدل من 21 يوم

إضافة إلى ذلك تم إصدار أمر عسكري مؤقت رقم (2148) بشأن تمديد مواعيد الاعتقال الإداري لتصبح كالتالي:

1- تعديل المادة (39) من أمر 1651 لتصبح 6 أيام (144 ساعة) بدل 72 ساعة

2- تعديل المادة 41 (ب) والتي تخص تأجيل قرار إطلاق سراح الأسير حتى يتم إصدار أمر اعتقال إداري لتصبح 6 أيام (144 ساعة) بدل 72 ساعة.

3- تعديل المادة 287 (أ) بخصوص موعد المراجعة القضائية لتصبح 12 يوم (288 ساعة) بدل 8 أيام

*ملاحظة: المعتقلين الإداريين الذين اعتقلوا قبل 7 أكتوبر وتنتهي أوامر الاعتقال الخاصة بهم خلال مدة سريان هذا التعديل، ستنطبق عليهم هذه الإجراءات*

وتم أيضاً تعديل قانون مكافحة الإرهاب، حيث تعدى ذلك المشاركة في كتابة المنشورات ووضع الاعجابات والمشاركات، بل وشمل أيضاً المراقبة الواسعة للأخبار المنشورة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بـ "منظمة إرهابية".

كما ووافق الكنيست على تعديل أوامر مصلحة السجون للسماح للأسرى بالنوم على فرشات على الأرض في حالات الاكتظاظ.

اجراءات عقابية جماعية هدفها فرض مزيد من القمع والسيطرة بحق الشعب الفلسطيني

إن الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق المعتقلين والأسرى الفلسطينيين تأتي في إطار العقوبات الجماعية التي تمارس بشكل ممنهج بحق الشعب الفلسطيني، والتي تهدف إلى فرض عزل مضاعف بحق الأسرى والمعتقلين، وفي ظل عدم قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمسؤولياتها تجاه الأسرى والمعتقلين ومعرفة أماكن وظروف احتجازهم، فإن الجرائم تتزايد في ظل حالة الاستفراد في الأسرى، والتي كان آخرها استشهاد المعتقل الإداري عمر دراغمة في ظروف ما زالت تفاصيلها غير واضحة بسبب عدم تمكن مؤسسات الأسرى من التواصل مع السجون.