العزل الانفرادي

عزل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال

كانون ثاني 2015

 

بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المعزولين في سجون الاحتلال حتى نهاية كانون ثاني 2015 حوالي 24 أسيراً، يتوزعون على سجون (نفحة، ريمون، مجدو، أيشل، أيلون)، وكان عدد الأسرى المعزولين قد ارتفع بشكل تدريجي بعد توقف إضراب الأسرى في 17 نيسان 2012، حيث أستمر الاحتلال في إصدار قرارات تقضي بعزل الأسرى الفلسطينيين، دون أن يعير أي اهتمام لإتفاق 14 أيار 2012 الذي كانت إحدى بنوده إخراج كافة الأسرى الفلسطينيين من العزل.

 

العزل في قانون مصلحة سجون الاحتلال

يبدأ عزل الأسرى والمعتقين الفلسطينيين منذ لحظة نقلهم إلى السجون داخل دولة الاحتلال، فهذا يقطع صلاتهم مع عائلاتهم ومجتمعهم والعالم الخارجي، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة رقم 76 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والتي منعت بشكل واضح "النقل الفردي أو الجماعي بالإضافة إلى الترحيل للأفراد من الأراضي المحتلة إلى أراضي القوة المحتلة".

من خلال نقلهم تقوم سلطات الاحتلال بالتحكم بمجرى حياتهم بشكل مطلق، فهي تتحكم بزيارات الاهل عبر نظام التصاريح الخاصة لدخول دولة الاحتلال والإجراءات الأمنية التي تفرض بهذا الصدد، ويحرم المئات من العائلات من الزيارة بحجج أمنية، فمثلاً تم منع كافة معتقلي وأسرى قطاع غزة بشكل مطلق من الزيارة العائلية منذ حزيران 2007 وحتى 2012.

غالباً ما تقوم سلطات الاحتلال بإلغاء الزيارات العائلية أو تحديد مدتها بشكل تعسفي، إضافة إلى قيامها بحرمان العديد من الأسرى الفلسطينيين كلياً من الزيارات العائلية، الأمر الذي يتناقض تماماً مع مسؤوليات وواجبات دولة الاحتلال بحسب القانون الدولي، حيث يعتبر حق الزيارة العائلية أحد الحقوق التي كفلها القانون الدولي، وهو حق منصوص عليه بوضوح في اتفاقية جنيف الرابعة تحت البند 116، وفي القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة الأسرى، ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، والقواعد التي تنظم بحسبها السجون الأوروبية، بالإضافة إلى اتفاقية حقوق الطفل.

يكون العزل إما لأسباب أمنية أو لأسباب نفسية أو كسياسة عقاب، حيث تلجئ قوات مصلحة سجون الاحتلال إلى عزل الأسرى والمعتقلين الذين يعانون من أمراض نفسية للتهرب من مسؤولياتها اتجاههم، حيث لا يقدم العلاج المناسب للمعتقل، ويكتفى بعزله كإجراء احترازي يساهم في تفاقم سوء وضعه النفسي، وخصوصاً أولئك الذين يقضون مدة طويلة في العزل.

العزل كعقوبة

يستخدم العزل في بعض الحالات كعقوبة بحق الأسرى والمعتقلين على مخالفة "انضباطية" داخل السجن، وهنا يعزل المعتقل منفرداً في زنزانة لا يسمح له إلا بإدخال ملابسه إليها، ولا تحوي سوى الفرشة والغطاء. فبموجب المادة 56 من قانون مصلحة السجون لعام 1971 هناك 44 مخالفة انضباطية يعاقب عليها المعتقل بالعزل، كأن يخل المعتقل بهدوء السجن، ويخول فرض هذه العقوبة لكل من مدير مصلحة السجون او مدير السجن لمدة لا تتجاوز ال14 يوماً، ولكن على أن تقسم الى قسمين 7 +7، أي لا يجوز عزل المعتقل مدة 14 يوماً متواصلاً.

العزل بقرار محكمة

كما أن القانون يخول محاكم الاحتلال بإصدار قرار يقضي بحجز المعتقل في العزل لمدة 6 أشهر في غرفة لوحده و12 شهراً في غرفة مع معتقل أخر، كما أن المحكمة مخولة حسب القانون بتمديد فترة عزل المعتقل لفترات إضافية ولمدة لانهائية، فمثلاً أكمل عميد الأسرى المعزولين محمود عيسى (47 عاماً) والمحكوم ب(3 مؤبدات و46 عاماً) حوالي 13 عاماً متفرقين في العزل بعد أن جدد له العزل عدة مرات. ويكون العزل الأمني عادة بقرار من مخابرات الاحتلال، ووفق مواد سرية لا يطلع عليها الأسير ولا محاميه مما يحول دون تشكيل دفاع فعال ومؤثر، فتكون محاكم إصدار قرارات العزل شكلية وتخضع لقرار سياسي من الأجهزة الأمنية للاحتلال، التي تسعى دائماً إلى استخدام العزل لقطع قنوات التواصل بين قيادة الحركة الأسيرة وباقي الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كقيامها في السابق بعزل كل من: جمال أبو الهيجا، عباس السيد، أحمد سعدات، حسن سلامة، مروان البرغوثي وغيرهم من قيادات الحركة الأسيرة.

في حقيقة الأمر، تمارس قوات مصلحة السجون الإسرائيلية سياسة العزل ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وبخاصة القادة منهم، كإجراء عقابي بحقهم، وبغرض زعزعة استقرارهم وحرمانهم من حقوقهم بالتواصل مع العالم الخارجي وتلقي الزيارات العائلية، كذلك تلجأ قوات مصلحة السجون إلى سياسة عزل الأسرى والمعتقلين كوسيلة لإخضاعهم ولإضعاف قدرتهم التنظيمية، وتشتيت صفوفهم، وشل قدرتهم على تنظيم نضالهم لتحقيق حقوقهم المكفولة كأسرى حرب ومناضلين من أجل الحربة المكفولة في اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة وسائر اتفاقيات حقوق الإنسان.

تستخدم دولة الاحتلال العزل أيضاً خلال فترة التحقيق، من خلال منع المعتقل من زيارات المحامي وزيارة مندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقد يصل العزل أثناء التحقيق إلى 90 يوماً.

وحسب لوائح مصلحة سجون الاحتلال هناك خمسة أسباب للعزل وهي: أمن الدولة، أمن السجن، الحفاظ على السلامة وصحة المعتقل أو المعتقلين الآخرين، منع الإضرار الحقيقي بالانضباط بنظام الحياة المتبع في السجن، منع مخالفة عنف وهنا يتعلق الأمر بجريمة منظمة أو جرائم المخدرات.

 

إحصائيات مؤسسة الضمير حول الأسرى والمعتقلين المعزولين:

خمسة أسرى ومعتقلين في زنازين العزل مع بداية العام 2014، وهم:

#

الاسم

تاريخ الاعتقال

الحكم

تاريخ العزل ومدته

مكان العزل

1

نهار أحمد عبد الله السعدي

2003/9/18

4مؤبدات+20 عاماً

20/5/2013 (غير محدد المدة)

سجن أيلون

2

موسى سعيد موسى صوفان

2003/5/28

مؤبد+8 سنوات

2013/9/29

سجن مجدو

3

نور الدين عبد الله عمر

2003/2/2

30 سنة

2013/9/29

سجن مجدو

4

حسام يوسف عمر

2002/2/26

 

2013/9/29

سجن مجدو

5

مراد نمر سرحان

2010

10 سنوات

2013/10/3

سجن مجدو

 

نقلت قوات مصلحة السجون الإسرائيلية 17 أسيراً ومعتقلاً في سجن نفحة إلى زنازين العزل بتاريخ 2014/6/12 بدعوى اكتشافها نفقاً للهروب من السجن، وهم:

#

الاسم

تاريخ العزل ومدته

سجن العزل

1

عبد الجبار الشمالي

12/6/2014 (غير محدد المدة، خرج من العزل بعد الإضراب)

نفحة

2

فهد صوالحة

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

3

يعقوب غوادرة

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

4

جعفر الترابي

12/6/2014 (غير محدد المدة، خرج من العزل بعد الإضراب)

نفحة

5

سمير طوباسي

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

6

إسماعيل أبو شادوف

12/6/2014(غير محدد المدة)

نفحة

7

مهنا أبو زيود

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

8

ضياء أبو قصيدة

12/6/2014(غير محدد المدة، خرج من العزل)

نفحة

9

محمود أبو صبيحة

12/6/2014 (غير محدد المدة،خرج من العزل)

نفحة

10

محمود كليبي

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

11

أيهم كمجي

12/6/2014 (غير محدد المدة، خرج من العزل)

نفحة

12

مصطفى صبح

12/6/2014 (غير محدد المدة، خرج من العزل)

نفحة

13

مهدي فياض

12/6/2014 (غير محدد المدة، خرج من العزل)

نفحة

14

صهيب الزقيلي

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

15

محمود العارضة

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة/مجدو

16

عدنان أبو ساري

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة

17

ثابت مرداوي

12/6/2014 (غير محدد المدة)

نفحة/مجدو

 

أحالت مصلحة سجون دولة الاحتلال أسيرين آخرين للعزل بحلول نهاية العام 2014، وهم:

#

الاسم

مكان العزل

الحكم

تاريخ العزل ومدته

1

عبد الرحمن سليمان عثمان

مجدو/ريمون

مؤبد

2014/10/24

2

محمد إسماعيل البل

ريمون/عسقلان

14 سنة

بداية 2014

 

ظروف العزل في سجون الاحتلال

تكون غرف العزل عادة بمساحة 1.5م على 2 م أو 3 م على 3.5 م، يكون الحمام داخل الزنزانة نفسها، وتغلق الزنزانة بباب حديدي بأسفله شباك لإدخال الأكل، أي أن المعتقل محجوز لمدة 23 ساعة يومياً في غرفة لا يرى فيها أحدا، وفي أحيان كثيرة لا يدخلها ضوء الشمس، حين يخرج المعتقل للفورة (الفسحة) أو للقاء المحامي أو زيارة الأهل يكون مقيد اليدين والقدمين، وأحيانا تبقى قيود اليدين أو القدمين خلال الفورة (الفسحة) أيضاً.

يقول الأسير المعزول نهار السعدي (33 عاماً) عن عزل ريمونيم: "إن مساحة الزنزانة 3×2.5م مع حمام ودوش، وهناك شباك بالزنزانة يطل على سور مرتفع، وفورة يومية (فسحة) لمدة ساعة في ساحة مساحتها 5×15م، هناك رداءة في نوعية وتصنيع الطعام المقدم لنا، يتوفر في العزل جهاز تلفزيون، وسخان، ومكيف هواء، والنظافة مقبولة".

يقول الأسير شكري الخواجا (47 عاماً) عن ظروف عزل أيلون، أنه لوحده في العزل، مساحة الزنزانة 3×3م مع حمام ودوش استحمام، وسرير طابقين من باطون بفرشة سمكها 2 سم. الزنزانة متسخة جداً ومليئة بالصراصير، يوجد لديه ثلاجة صغيرة وغلاية قهوة وطنجرة وخزانتين وتلفزيون يبث 7 محطات فقط، والفورة (الفسحة) ساعة يومياً في ساحة صغيرة مساحتها 3×6م نصفها مغطى بصاج حديد والنصف الأخر بشبك. كما أن الأسرى المعزولين في أيلون يحتجزون في أقسام يقيم فيها سجناء جنائيون إسرائيليون من ذوي السوابق والمدمنين على المخدرات، مما يتسبب بالفوضى والإزعاج والشجارات المستمرة.

يذكر أن الأسير شكري الخواجا (47 عاماً) من قرية نعلين قضاء رام الله كان قد اعتقل بتاريخ 14/2/2014. وبتاريخ 16/12/14 بلغ الأسير الخواجا أمر من ضابط سجن عوفر يقضي بنقله لعزل أيلون حتى 30/1/2015، كما وشمل القرار منعه من الزيارة حتى 13/1/2015 تم تجديده بعد ذلك لمدة شهر أخر.

يتسبب العزل في أضرار نفسية كبيرة للأسرى والمعتقلين، فيؤدي العزل إلى التشتت في النوم، الاكتئاب، الخوف، كما ويساهم العزل في تفاقم الحالة النفسية للأسير إن وجدت قبل العزل، والعديد من تلك المشاكل النفسية التي يتسبب بها العزل لا تزول بخروج الأسير من العزل، بل من الممكن أن ترافقه عند عودته للسجن الجماعي أو حتى عند عودته إلى حياته الطبيعية بعد إطلاق سراحه. وتقدم مصلحة سجون الاحتلال علاجاً نفسياً منقوصا للأسرى الفلسطينيين، غالباً ما يقتصر على حبوب الدواء حيث لا يفحص غالبية الأسرى من أطباء نفسيين، إضافة إلى أن العلاج النفسي يقدم باللغة العبرية بحضور سجان يترجم كلام الطبيب للعربية، وهذا يتعارض مع أخلاقيات مهنة الطب. كما أن للعزل أثار جسدية على الأسرى أيضاً، حيث يعاني الأسرى المعزولون من ظواهر في الجهاز الهضمي وفي الأوعية الدموية والقلب، وفي الأجهزة الجنسية والبولية، نتيجة الرجفة والفزع من ألم الرأس والكوابيس والتعب، كما ويتسبب العزل في اضطراب في دقات القلب والتعرق الزائد وضيق التنفس[1].

 

الإضراب عن الطعام لمقاومة العزل

  • إضراب الأسير نهار السعدي لإنهاء عزله الانفرادي

اعتقل الأسير نهار السعدي (33 عاماً) من جنين في 18/9/2003، وحكم عليه ب4 مؤبدات و20 عام. تم عزل الأسير السعدي في تاريخ 20 أيار 2013 بناءً على عدة تهم وجهت له وهو في السجن، وأثناء عزله تنقل بين عدة سجون إلى أن استقر به الحال في عزل ريمون.

خاض الأسير السعدي إضرابا مفتوحاً عن الطعام في 20/11/2014 احتجاجاً على عزله وحرمانه من الزيارات العائلية، وأنضم أكثر من 100 أسير فلسطيني أخر إلى الإضراب عن الطعام في 10/12/2014 تضامناً مع الأسير السعدي للمطالبة بإنهاء سياسة العزل بحقه وحق 20 أسيراً فلسطينياً أخراً. انتهى إضراب الأسير السعدي ورفاقه الأسرى في 17/12/2014 بعد التوصل لاتفاق مع مصلحة السجون للاحتلال، يقضي بنقل السعدي للعزل الجماعي في سجن ريمون وان يتلقى زيارات عائلية، وأن تحسن ظروف العزل من حيث الملابس والطعام، وتضمن الاتفاق أيضاً إنهاء العزل بشكل تدريجي لباقي الأسرى المعزولين. وحتى الآن لم تنفذ قوات الاحتلال أي بند من الاتفاق، حيث اكتفت بنقل الأسير نهار السعدي من العزل الانفرادي في أيلون إلى العزل الانفرادي في ريمون، ولم يتم إنهاء عزل أي أسير فلسطينيي أخر.

  • إضراب الأسرى في 2011 لإنهاء سياسة العزل

في مطلع العام 2011، شرع الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال بخوض إضرابات فردية وجماعية، رفضاً لسياسة العزل الانفرادي، ومطالبين بمعاملتهم وفق اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة. وكان من أبرز هذه الإضرابات إضراب قرابة 300 أسير من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مطالبين بإنهاء سياسة العزل، واستمر الإضراب 22 يوماً في الفترة بين 27 أيلول 2011 و18 تشرين الأول 2011، وتوقف مع إعلان التوصل إلى صفقة التبادل "وفاء الأحرار" في 18 تشرين الأول، وإطلاق سراح 1027 أسيراً وأسيرة مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" المأسور لدى فصائل المقاومة في غزة.

  • إضراب 17 نيسان 2012

في يوم 17 نيسان/أبريل 2012، شرع الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في إضراب مفتوح عن الطعام ضد سياسة العزل في معركة أطلقت عليها الحركة الأسيرة اسم "معركة النصر أو الموت"، شارك فيها قرابة 2000 أسير ومعتقل. توقف الإضراب في تاريخ 14 أيار/مايو عقب التوصل إلى اتفاق تعهدت بموجبه حكومة الاحتلال بإنهاء عزل 20 معتقلاً وأسيراً، ونقلهم إلى الأقسام العادية خلال 72 ساعة.

وبعد مضي عام على الاتفاق، بدأت قوات مصلحة السجون الإسرائيلية بالتنصل والتنكر لاتفاق 14 أيار2012، إذ استمرت دولة الاحتلال بممارسة سياسة العزل بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، حيث أخضعت مصلحة السجون الإسرائيلية 27 أسيراً ومعتقلاً للعزل بذريعة "الأسباب الأمنية" خلال العام 2014.

 

الأسير أبو سيسي معتقل دون محاكمة وقضى ثلاثة أعوام في العزل

وضع الأسير ضرار أبو سيسي (45 عاما) منذ اعتقاله في فبراير/شباط 2011 في عزل سجن إيشل في بئر السبع، وحرم من الزيارة العائلية، وأخضع لتحقيق قاس تواصل لحوالي مائة يوم. فبعد أن قضى اتفاق الكرامة "14 أيار" 2012 الذي أنهى الإضراب الجماعي للحركة الأسيرة، بوقف سياسة العزل بحق المعتقلين والأسرى، قامت قوات الاحتلال وبعد فترة وجيزة بالفعل بنقل 18 من الأسرى المعزولين إلى الأقسام العادية في السجون من أصل 20 أسيراً كانوا معزولين قبل بدء الإضراب، وأبقت على الأسيرين ضرار أبو سيسي وعوض الصعيدي وخرج الأخير من عزله في منتصف عام 2013.

غير أن مصلحة السجون، وخلافاً لنص الاتفاق، أبقت المعتقل ضرار أبو سيسي في العزل بحجة أنه ما زال موقوفاً قيد المحاكمة، مما دفع أبو سيسي للدخول في عدة إضرابات عن الطعام لإنهاء عزله. وكان ضرار أبو سيسي قد تعرض للاختطاف على يد وحدات خاصة إسرائيلية من أوكرانيا في تاريخ 18/2/2011.

حرم المعتقل أبو سيسي منذ اعتقاله من الزيارات العائلية. وأفاد لأحد المحامين بأنه بدأ يشعر بصعوبة في النطق واستذكار اللغة جراء العزلة الكاملة التي يعيش فيها، وانقطاعه عن التواصل مع العالم الخارجي، الذي يحرمه من رؤية أحد أو التحدث مع أحد إلا خلال زيارات المحامين له. وإضافة إلى قسوة العزل، يعاني المعتقل من سوء الوجبات الغذائية المقدمة له وقلتها، كما تتعمد مصلحة السجون سياسة الإهمال الطبي بحقه على الرغم من معاناته من أمراض عدة، أهمها مشاكل في القلب والضغط والكولسترول وفقر في الدم، وأوجاع في المعدة والكلى والآلام في الظهر، ونتيجة تدهور وضعه الصحي يتناول الأسير أبو سيسي 9 أنواع من الأدوية.

وفي مسعى إلى تدمير قدراته الإدراكية والتواصلية، تقوم الوحدات الخاصة باقتحامات ليلية مستمرة لزنزانته بحجة التفتيش ومصادرة كل ما فيها، حيث أبلغ أبو سيسي المحامي أنه وفي آخر تفتيش قامت عناصر الوحدات الخاصة بمصادرة دفتر يدون فيه بعض الخواطر، بعدما لم يتبقَّ شيء في زنزانته إلا وأخذوه.

وتوصل الأسير ضرار أبو سيسي في 28 أب 2013 لاتفاق مع مصلحة السجون للاحتلال، يقضي بإخراجه من العزل الانفرادي مقابل بعض الشروط وأهمها أن يتم احتجازه بقسم "الشمور" في سجن بئر السبع ونقل ثلاثة أسرى إلى غرفته على أن يتم تبديل هؤلاء الأسرى كل ثلاثة شهور.

 

الأسير محمود عيسى 13 عاماً في العزل

ولد الأسير محمود عيسى في قرية عناتا شمال شرق مدينة القدس في 21/5/1968، واعتقل في 3/6/1993 وحكم عليه ب(3 مؤبدات و49 سنة)، قضى خلال سجنه ما مجموعه حوالي 13 عاماً في العزل "لأسباب أمنية" حسبما تدعي قوات الاحتلال، ويجدد عزله كل عام عبر المحكمة المختصة بإصدار أوامر العزل.

يقول الأسير عيسى عن عزله أنه في زنزانته لا تتجاوز مساحتها 3*3.5 متراً، وتفتقد الزنزانة إلى التهوية المناسبة، فقط توجد نافذة فوق الباب بحجم 30*80 سم، تطل على الكردور، والباب من الحديد المغلق ولا توجد فيه أي فتحة باستثناء فتحة إدخال الطعام والتي لا تفتح إلا لحظة إدخال الوجبة ويعاد إغلاقها.

ينقل محمود بمعدل كل 6 شهور من سجن لآخر للحيلولة دون استقراره، وكإجراء عقابي إضافي للنيل من عزيمته وإرادته، حيث تنقل بين العديد من السجون منذ اعتقاله ومنها عسقلان، بئر السبع، نفحة، الرملة، وهشارون.

قبل انتهاء عزله الأخير الذي بدء في العام 2002، كان عُرضة للعزل المتكرر، فقد أمضى ثلاث أعوام ونصف في العزل على فترات متعددة. وفي عزله الأخير قبل العام 2002، أحضرت والدته المسنة للتحقيق بهدف الضغط عليه للاعتراف، بعد أن اقتحمت المخابرات وجيش الاحتلال منزلها واحضروها عنوة، وفي التحقيق هددوه بأنهم سوف يبقوها لديهم إلى أن يقدم ما لديه من معلومات.

منع محمود من إتمام دراسته داخل الأسر، وحظر إدخال الكتب إليه بقرار من المحكمة كإجراء عقابي إضافي لعقوبة وقرار العزل، وتدخل باقي أغراضه الشخصية عن طريق التنسيق مع الصليب الأحمر، وفي كثير من الأحيان تعطي إدارة السجن الموافقة على إدخال الأغراض، ويوم إدخالها ترجع غالبيتها.

 منذ بدء عزله الأخير في العام 2002، منع محمود من زيارة أهله "لاعتبارات أمنية" حسبما تدعي قوات الاحتلال، ويكون هذا الإجراء عادةً مرافقاً لقرار العزل إضافة إلى إجراءات أخرى تحول دون تواصل الأسير المعزول مع الأسرى الآخرين، لتفاقم من آثار العزل على الأسير.

 

العزل في القانون الدولي

يعتبر العزل ضرباً من ضروب التعذيب النفسي المحظورة بموجب المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب المبرمة في العام 1984، كما يعتبر العزل من أساليب المعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة المحظورة بمقتضى المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والحقوق السياسية. إضافة إلى ذلك، فإن ظروف العزل لا تلائم الحد الأدنى من المقاييس الصحية للسجون ومراكز الاعتقال التي توجبها المادتان (91) و(92) من اتفاقية جنيف الرابعة.

وتشكل سياسة العزل كما تمارسها مصلحة سجون دولة الاحتلال، مع الأخذ بعين الإعتبار الأثار النفسية والصحية لدى الأسرى والمعتقلين التي يتسبب بها العزل وانقطاع الاتصال بالعالم الخارجي، مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. فالعزل يشكل ضرباً من ضروب التعذيب النفسي ضمن تعريف التعذيب في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة المبرمة في العام 1984. وبناءاً على ذلك، يمكن اعتبار ممارسة سياسة العزل في سجون دولة الاحتلال انتهاكا للمادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة السابعة من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللواتي حرمن ممارسة التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة بشكل قطعي.

ويعتبر انقطاع السجين عن الاتصال بالعالم الخارجي مخالفة للمعايير الدولية التي تتفق على حق السجين بالاتصال بالعالم الخارجي ولا سيما الاتصال بأسرته. وتشكل ظروف العزل بحد ذاتها انتهاكا للقانون الدولي الإنساني. فالظروف التي يتم عزل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بها لا تتناسب والمعايير الصحية التي تم النص عليها في المواد 91 و92 من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بمعاملة المدنيين في النزاعات المسلحة وحالات الاحتلال 

 

 


[1]. تجدون المزيد من المعلومات في تقرير: العزل والإفراد للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائلية - أيار 2008

النسخة الرقمية: http://www.addameer.org/userfiles/aL_3azel[2012012512517].pdf