الاستغلال الإقتصادي للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي

تتناول مؤسسة الضمير عبر صفحات هذه الدراسة، الجوانب الاقتصادية لاعتقال ما يقرب من ثمانمائة ألف فلسطيني وفلسطينية منذ الأيام الأولى للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967، مع التركيز على الدور المحوري الذي لعبته السجون وسياسة الاعتقال في تعزيز الاحتلال منذ العام 1985 وحتى اللحظة.  وستتناول الدراسة فترة تاريخية تعج بالأحداث التي تتعلق بقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.  ومن أبرز ما شهدته الحقبة الزمنية التي تتناولها الدراسة -الانتفاضتان الأولى والثانية، وما رافقهما من حملات اعتقال واسعة طالت كافة أبناء وبنات الشعب الفلسطيني من مختلف الأعمار، ومن مختلف القرى والمدن والمخيمات- خصخصة كانتين السجون، وإنشاء السلطة الفلسطينية، التي قامت، أيضاً، بتطبيق سياسة الاعتقال بحق بعض الفلسطينيين، ومن ضمنهم أسرى سابقون تعرضوا للاعتقال والحجز في سجون الاحتلال في الفترة التي سبقت قيام السلطة.  وعلى الرغم من أنه، تاريخياً، كان يتم احتجاز الأسرى الفلسطينيين في سجون ومراكز توقيف عسكرية، وأخرى تابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية، فإنه، ومنذ العام 2000، تم نقل السجون وبعض مراكز التوقيف لتصبح تحت سيطرة مصلحة السجون الإسرائيلية التي باتت السجون كافة، التي يحتجز فيها الأسرى والأسيرات الفلسطينيون/ات، تابعة لها حالياً (no legal Frontier, 2012).  وبعد إتمام صفقة التبادل في العام 2011، أعادت السلطات الإسرائيلية اعتقال عدد كبير من الأسرى الذين تحرروا بموجب تلك الصفقة، ولا يزال بعضهم يقبع في السجون حتى اللحظة.  ومع تصاعد احتجاجات الأسرى ضد الاعتقال الإداري، والمعاملة القاسية، والعزل، والقيود المفروضة على زيارة الأهل، والشروع في إضراب جماعي عن الطعام في العامين 2012 و2013، تصاعدت في الضفة الغربية وقطاع غزة وتيرة المسيرات والمظاهرات وأنشطة الدعم للأسرى، ما ساهم في إعادة الاعتبار لهذه القضية، وعودتها إلى احتلال واجهة الصحافة على المستويين المحلي والدولي.

وسيتناول فريق البحث، عبر صفحات هذه الدراسة، الاستغلال الاقتصادي الذي تعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، وكيف قامت السلطات الإسرائيلية والشركات الخاصة العاملة معها، بممارسة أبشع أشكال الاستغلال الاقتصادي للأسرى الفلسطينيين في السجون ومراكز التوقيف المختلفة.  كما ستتناول الدراسة الآثار النفسية والاجتماعية للاستغلال الاقتصادي المباشر وغير المباشر، على الأسرى وعائلاتهم.  وقد بنيت الدراسة على معلومات بحثية تم جمعها على مدار سنوات عدة، وكذلك على مقابلات مكثفة ومسح ميداني، اعتمدت كوسائل بحثية لغرض إنجاز الدراسة.

من جهة أخرى، ستتناول الدراسة الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني على إسرائيل، كقوة احتلال، تجاه الأسرى من المناطق المحتلة.  ومن أبرز تجليات انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في هذا السياق، اضطرار عائلات الأسرى، وكذلك الفصائل الوطنية المختلفة في فلسطين المحتلة، لتوفير الاحتياجات المالية للأسرى لمساعدتهم على العيش ضمن ظروف معقولة داخل سجون الاحتلال.  كما أن تنكر إسرائيل لاحتياجات الأسرى، يزيد من الضغط على الأسرى الذين يحتاجون لرعاية خاصة، من أجل البحث عن حلول لمشاكلهم الفردية وتوفير احتياجاتهم الخاصة، بدلاً من التعامل مع احتياجات كهذه كجزءً من محنة الأسرى الفلسطينيين بشكل عام.  وقد يؤدي هذا الوضع إلى تحويل القضية الاقتصادية للأسرى الفلسطينيين، من كونها قضية عامة إلى قضايا فردية تصب في صالح سياسة الاحتلال الرامية إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني بشتى الطرق والوسائل، إلى جانب كونها تشكل مكوناً من مكونات سياسة الاحتلال الساعية إلى القضاء على روح المقاومة الفلسطينية وتشتيتها.

تتناول الدراسة نظرة تاريخية للاستغلال الاقتصادي في السجون الإسرائيلية بحق الأسرى والأسيرات الفلسطينيين/ات، ومن ضمنها سياسة خصخصة السجون، وإجبار الأسرى الفلسطينيين على العمل أثناء فترة اعتقالهم، وإنشاء ما يعرف باسم "الكانتين" في السجون، من أجل استغلال إضافي للأسرى اقتصادياً.  ومن خلال نتائج المقابلات مع أسرى فلسطينيين حول المبالغ التي يضطرون لدفعها من أجل شراء الطعام ومواد التنظيف، أو الغرامات المالية التي تفرض على الأسرى كعقوبات تأديبية، استنتج فريق البحث أن هناك سياسة إسرائيلية ممنهجة لاستغلال الأسرى الفلسطينيين اقتصادياً على غير ذي صعيد.